اختارت مؤسسات المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله عنوان : أنسنة الدين عند السيد فضل الله ، لعقد المؤتمر الفكري الثاني لهذه المؤسسات وذلك يوم الأربعاء في السابع من تشرين الأول الجاري في أوتيل الساحة .

وإختيار هذا العنوان للمؤتمر في هذه المرحلة يكشف عن إشكالية خطيرة يواجهها الفكر الديني عامّة والفكر الديني الإسلامي خاصة ، فالدين وجد من أجل مصلحة الإنسان ورحمةً به ولنشر الأمان والسلام في العالم وكخيار بديل عن الوثنيات القديمة والحديثة أو كبديل عن الأفكار الوضعية ، ولكن يبدو أننا اليوم أصبحنا نعاني ممّا يمكن وصفه بفقه التوحش أو التوحش والعنف الديني والذي تتبناه حركات وأحزاب ومجموعات تدّعي أنّها تحقق مصلحة الدين أو أنّها تطبق التعاليم الدينية .

وبدل أن يكون الدين مدخلاً للأمان والسلام والطمأنينة للإنسان في هذا العصر وبدل أن يكون الدين حلاً لمشاكل البشرية ، ها هو الدين أو التطبيقات الخاطئة للأديان تتحوّل إلى مصدر للقلق والعنف والحروب والصراعات، وكل من يتحدث بإسم الدين أو الاديان يدّعي وصلاً بالله وأنّه يحقق مصلحة البشر ، لكن النتائج عكسية فالخراب ينتشر والحروب تزداد والعنف والقتل يعم العالم وخصوصاً المناطق التي نزلت فيها الأديان السماوية والتوحيدية ، في حين يعم السلام والأمن نسبياً في مناطق انتشار الهندوسية أو الأفكار الوضعية.

إزاء كل ذلك تأتي إشكالية أنسنة الدين  والتي يطرحها مؤتمر مؤسسات المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله ، وقد تضمن برنامج المؤتمر سلسلة عناوين إشكالية حول استخدام القوة والعنف من منظور ديني والموقف من علاقة الأديان بالأوطان والعالم والقوميات وكيفية تطوير الفقه الديني لمعالجة إشكالية العنف الديني القائم اليوم.

إنّ أنسنة الدين اليوم أصبحت مهمة صعبة في ظل ما نعانيه من مشكلات خطيرة على مستوى الفكر والواقع وعسى أن يساهم هذا المؤتمر في تقديم مساهمة جديدة ولو متواضعة في هذا المجال .