رغم كل المآسي التي تتعرض لها الشعوب العربية والإسلامية ورغم التاريخ السيء لدولنا في عملية بناء الأوطان والمجتمعات وتماسكها  للدفاع عن أرضها في وجه المخططات العدائية وما زال البعض يحمل أدبيات التخلف والتعتير الفكري بإستعماله منطق الحكم ضمن معادلة الأكثرية العددية المذهبية .

أناس يرتدون زي الحضارة ولسان جاذب للحوار والجدال  حول المستقبل ولكن عند الجد يعودون إلى المنطق الذي دمّر مجتمعاتنا وبلادنا وعروبتنا بدل أن نبني أوطان حديثة وإنسان وطني ومستقبل مواطن ينعم بالإطمئنان والإستقرار على أرض ولد فيها وقدّم أجداده وأهله الشهداء للدفاع عنها بالتساوي أو أكثر من أيّة أقلية أو أكثرية آملاً أن يحصل على حقوقه ويعمل واجباته بالمساواة مع أيّ مواطن دون التمييز باللون والشكل والهوية المذهبية .

في الوطن لا توجد أكثرية عددية مذهبية و أقلية وخاصة أنّ الجميع أصحاب الأرض مقتنعين في خدمة  الوطن والدفاع عن وجوده وكرامته  وسيادته ولكن يجب أن ينعم الجميع بالمساواة والعدالة إن كان من جانب السلطة أو من جهة القوانين وفي تقاسم خيرات الوطن وإنتاج الدولة .

 وأما المنطق السائد يدمر العيش المشترك والسلم الأهلي وطموح وإرادة أجيال المستقبل ويؤدي إلى قلق لدى الأقليات المذهبية وها هي اليوم أمام خيارات صعبة إمّا بالحفاظ على الحد الأدنى من الحقوق بوجود أنظمة الإستبداد وإما الرحيل أو الهجرة من أوطانها ومرة أخرى تقع الملامة على الأقليات المذهبية بعد فشل الأكثرية من تحقيق طموحها المذهبي وكان تلك الأكثرية تريد تحقيق النصر بفعل  الأقليات ولكن بشرط أن تكون هي في رأس السلطة ورأس الهرم وصاحبة القرار .

 إنّ منطق الأكثرية العددية المذهبية حكمنا طوال الفترة السابقة وها نحن نرى نتائجه في هذا الربيع المشؤوم وهو ذاته المنطق الذي أفسد ثورة شعب مقهور مظلوم دون النظر إلى اللون فحوّلها إلى حرب مذهبية تجمع جميع تناقضات الإتجاهات ضمن المذهب الواحد ومع المذاهب الأخرى وهذا المنطق أجهض  الثورات وأعطى جرعة استمرار  للنظام السوري وللأنظمة المستبدة الباقية في الشرق أو سيعيد إنتاجها .

كفوا عن هذا المنطق وتوقفوا عن قتل العروبة التي تجمعنا وليس الدين أو المذهب وكفوا عن محاربة وعزل العلمانيين العرب في أوطانكم وإلا سنخسر الأوطان والإنجازات والبناء وسنخسر التنوع الثقافي والعلم والعلوم وسنخسر الإنسان العربي الشرقي وتربحون المنصب والقانون والمجتمع ذات اللون واحد بعيش في زمن  ما قبل الحداثة والوعي والقراءة والمعلومات ولا بد من تذكيركم أنّ الحضارة  هي مجموعة ثقافات وليست  ثقافة واحدة وهي مجموعة اجتهادات وأفكار وليست واحدة وما من نظرية دامت إلى الأبد فعليكم تطوير الأفكار ونظرتكم الى الحياة والعيش المشترك والإعتراف بالإنسان الاخر وحقه ووجوده وحريته ولا شيء جامد في الحياة حتى الكلمة تتغير والكتب تصبح للأرشيف إن لم تتماشَ مع تقدم العلم وتطور الوعي .