الدكتور علي شريعتي رحمه الله هذا المفكر التربوي العظيم قضى نحبه وصعدت روحه الطاهرة إلى بارئها وهو يعاني غربته ، الغربة التي إختارها بمحض إرادته لأنه اختار أن يكون مشروعاً مختلفاً أسس له بجد وإجتهاد قلّ  نظيرهما ، وتحمّل لأجل هذا المشروع  التنويري عقبات كؤود لا يتحملها إلاّ رجال من طراز المغيرين الذين لا يأبهون لحملات التشكيك الممنهجة ، والتي كانت أشبه بحربٍ كونية يخوضها دعاة التدين الكنسي منذ أن بزغ نجمه في حسينية الإرشاد إلى كتاباته التي شكلت رؤى مدرسة جديدة في فهم الدين فهماً روحياً واعياً لا فهماً ميكانيكياً ، كما هو الحال لدى الطرف الآخر الذي يضفي على مشروعه شيئاً من القداسة ...

لم يكن يتصور شريعتي في يومٍ من الأيام أنّ غربته ستطاله إلى مدفنه ، حيث دفن في مقبرة السيدة زينب عليها السلام ولعلّه شعر بهذا في أيامه الأخيرة .

 لكن هل كان يتصور هو أو محبيه أنّ غربته ستطول  لتشمل محاكمة فكره بعد عشرات السنين من مشروع التجهيل ذاته الذي كان مناوئاً له ، لا أظن أنه كان يتوقع ذلك ..

قرأت في بعض المواقع أنّه عاد حديث الساعة وينتقد بصورة أشد من ذي قبل بل ويشكك به لأجل حراكه وما ترك من إرث يكاد يكون الوحيد في جرأته من حيث تشخيصه لمشاكل الإسلام عموماً والتشيع خصوصاً ، هل من عاقل يغفل عن فضله في فضح زيف التشيع الصفوي وإنتسابه زوراً لمدرسة أهل البيت ع ، أم بثّه الروح فينا بكتاب الحج الفريضة الخامسة الكتاب الذي يدمن على قرائته المسلمين شيعة وسنة حتى في زمن الإسلام الطائفي ..

لعمري لو بعث شريعتي حياً لما حاد عن درب مشروعه التنويري ولقاد حملة تصحيحية من أجل إعادة بوصلة التدين إلى الدين المحمدي لا دين كهنة المعبد ...

من المؤكد أنه كان سيذرف الدموع لتوسع ظاهرة الإستحمار .. أما بكائية شريعتي الكبرى ستكون لضعف أو انعدام من يكمل المشروع  .

 

 

بقلم الشيخ عباس حرب العاملي