كد وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق ضرورة قيام تحالف استراتيجي عربي، يرتكز على السعودية ومصر لمواجهة المد الإيراني، معتبرا في حوار موسع مع «الشرق الأوسط» أن الهلال الفارسي «قوة معتدية ومخالفة للجغرافيا والتاريخ، أي تتقدم بالأمن وليس بالمشروعية والقمر العربي هو المشروع الطبيعي في المنطقة». وإذ رأى أن «إيران جعلت من الدين موضع تنازع وموضع خلاف والرد الوحيد هو المزيد من التمسك بالعروبة». وفي الملف اللبناني، حذر المشنوق رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون وأنصاره من «لعبة الشارع»، وناشده أن يعرف خطورة الحركة السياسية التي يقوم فيها ومدى تأثيرها على كل الوضع بلبنان». ورأى أنه «لا يجوز الاستمرار بهذا المنطق الذي يعرض البلد والمسيحيين إلى مخاطر ليست بالحسبان»، معتبرا أن هذا الكلام «صياغة مسيحية كانت تحكي بالخمسينات لكن الدنيا تغيرت والمنطقة تغيرت، كما أن الآخر الذي عليك أن تتفق معه تغير».

         

واعترف المشنوق بأن تياره اتخذ خيارات غير شعبية لدى الطائفة السنية، لكنه قال: «نحن نتصرف بمسؤولية وطنية تجاه البلد وليس بمسؤولية المظلومية السنية الشائعة في كل مكان والتي يستغلها التطرف والتكفير بكل الاتجاهات». لكنه شدد على أن الغالبية العظمى من جمهور تيار «المستقبل» لا تزال على موقفها، هؤلاء الناس متروكون من كل العرب، بالخارج ظهرهم مكشوف وفي الداخل على عكس خصومهم. وفي ما يلي أبرز ما جاء في الحوار:


* كيف تقاربون تهديدات العماد عون بالنزول إلى الشارع؟
- بصراحة، الكلام الذي ظاهره مسيحي، هو كلام يتعلق بالسلطة وليس له علاقة بالطائفة. هناك أوهام كثيرة يتم وضعها في هذا الموضوع، وهذا غير صحيح على الإطلاق. منذ بداية عمل الحكومة إلى اليوم كل التعيينات المسيحية التي حصلت، كانت بغالبيتها لمقربين من التيار الوطني الحر، وهؤلاء لديهم الكفاءة ولم يعينوا فقط بسبب انتمائهم السياسي.
الكلام أن الوظيفة العامة هي وسيلة تعبير عن قدرة هذه الطائفة أو تلك غير صحيح على الإطلاق. وأيا كانت مهمة قائد الجيش ومهمة منصبه، لا يجوز ربط العيش المشترك ولا ربط الميثاق والشراكة بتعيين قائد الجيش أو أي موظف في الدولة. هذا الكلام صياغة مسيحية كانت تحكى بالخمسينات، لكن الدنيا تغيرت والمنطقة تغيرت، كما أن الآخر الذي عليك أن تتفق معه تغير. لا يمكنك أن تفرض على الناس بقوة الشارع خيارات ليست لصالح البلد ولا لصالح المسيحيين، تحديدا الذين هم رغم كل شيء العصب الرئيسي لاقتصاد هذا البلد.
هذا التعبير هو تعبير غير صحي، ولا يجوز الاستمرار بهذا المنطق الذي يعرض البلد والمسيحيين إلى مخاطر ليست بالحسبان. لا أحد يستطيع أن يشيطن (رئيس الوزراء المنتهية ولايته) تمام سلام. تمام سلام هو أكثر المسلمين اعتدالا بقربه من المسيحيين، وكل تاريخه قائم على أنه الأكثر تفهما للقراءة المسيحية للأوضاع اللبنانية. ولا يستطيعون أن يشيطنوا سعد الحريري ولا تيار المستقبل الذي هو التيار الأكثر اعتدالا بالمنطقة العربية كلها، وهو الأكثر مواجهة للتطرف والتكفير بالمنطقة العربية كلها، وهو الأكثر قدرة على مواجهة جمهوره بخيارات غير شعبية دفاعا عن الاعتدال.
فجأة أصبحت كل الناس متهمة، والنظام اللبناني مطروح على الطاولة، لكن من يطرح النظام اللبناني على الطاولة وفق أي موازين قوى؟ وإذا لا نريد أن نتكلم بالمعنويات، أين ميزان القوى الذي يفرض هذا الخيار أو ذاك؟ هذه الصياغات كلها من عصور قديمة جدا ليس لها علاقة بالحداثة وتركيبات الدولة، ويجب أن يعلموا أن طرح منطق المظلومية المسيحية الوهمية يخلق ردود فعل ويقوي التطرف ويضعف الاعتدال ويدعم التكفير. ورغم ذلك نحن باقون ومستمرون، مدافعين ومقاتلين عن اعتدالنا وقراءتنا لفكرة الدولة وعن اتفاق الطائف باعتباره القاعدة الوحيدة. تعديل الدساتير لا يتم بدول فيها أزمات دستورية من كل الأنواع، ولا يتم بغياب رئيس للجمهورية، ففي ظروف أفضل من التي نعيشها اليوم لم يكن هناك إمكانية لتعديل الدستور، بل أكثر من ذلك، اتفاق الطائف فرضته حرب أهلية و200 ألف قتيل، فلا يوجد أحد مستعد أن يغامر فيه أو يضعه بموقع الإدانة تحت أي نوع من الظروف. وسيكتشفون مع الوقت أن كل ميزان القوى من أوله لآخره ليس لصالحهم، لا الميزان المسيحي ولا الإسلامي، والمطلوب أن يهدأوا ويتعقلوا. وأناشد العماد عون أن يعرف خطورة الحركة السياسية التي يقوم فيها ومدى تأثيرها على كل الوضع بلبنان الذي نحاول أن نهدئه منذ سنة ونصف بالحد الأدنى المتوفر، سواء بالمجال الأمني أو السياسي أو الإداري أو المجال الدستوري.
* الشارع المسيحي في الفترة الأخيرة أنتج أكثر من حالة مشابهة، بدءا من القانون الأرثوذكسي الذي ينص على انتخاب كل طائفة لنوابها، إلى إعادة طرح الفيدرالية وكل هذه العناوين ألا تدل على وجود مشكلة؟
- هذه تدل على مسار بدأ مع القانون الأرثوذكسي. لكن كي أكون واضحا المناصفة في لبنان تمت بمبادرة وبرضا المسلمين، ولم تتم لا بالإضراب المسيحي ولا بالعناد المسيحي ولا بالعقل الأقلي، ومع ذلك نحن مصرون على المناصفة، وأن كل شيء يحصل بالتفاهم والتعقل والحكمة والوعي لا يحصل بالقانون الأرثوذكسي، ولا بأرثوذكسية الوظائف. هذا كلام خارج الوقائع، ومسار لا يؤدي إلى أي مكان، وهذا لا يحمي المسيحيين أو يعطيهم قوّة، بل يضعف المسيحيين والمسلمين، والبلد بأكمله. وتجربة الشارع لا تليق لا بالظرف ولا بالبلد ولا بالعماد عون، إلا أنني كوزير داخلية مهمتي أن أسهل كل شيء سلمي وتحت القانون.
* هل هناك خوف من انفلات في الشارع؟
- لا، لكن الشارع دائما تعرف أين يبدأ لكن لا تعلم أين ينتهي، فالشارع لا يوجد فيه ضمانات. وفي ظرف حساس مثل لبنان ما الضمانات التي يمكن أن تقدمها لأي حركة لئلا يحصل فيها شيء خطأ؟ من يضمن ألا يحصل أي حادث أو ردود فعل كلامية على الأقل؟ وأقول مرة أخرى إن هذا المنطق يزيد من قوة التكفيريين والإرهابيين على عكس كل الشائع.
* المسيحيون في لبنان هل لديهم الخوف نفسه الذي تبديه قياداتهم؟
- هناك تساؤلات جدية عند كل المسيحيين بصراحة، أولا لا أحد يناقش أن الأول في التمثيل المسيحي هو العماد عون، وهذه ليست خاضعة لنقاش. وثانيا نعم هناك تساؤلات عند كل المسيحيين وأنا أقر أنها موجودة ويجب أن تعالج وأن تناقش علنا وبالمجالس الخاصة، ولكن على قاعدة العقل والحكمة والوعي. وأي قاعدة أخرى للنقاش لا تؤدي إلا إلى مزيد من الاضطراب وتحويل التساؤل إلى قلق، ومن ثم تحويل القلق إلى خوف، ثم تحويل الخوف إلى سجن، لأنك عندما تصل إلى مرحلة الخوف تصبح سجينا.
كل طائفة خلقت لنفسها قلقها، مثلا السنة عندهم قلق الظلم من العسكرة التي يعيشونها مرة في وجه الدولة، ومرة في وجه حزب الله، وإذا كنا نريد أن نعتمد الشارع دائما للرد على هذه المظلومية، إلى أين نصل؟ الشيعة عندهم قلق من التآمر عليهم كون أن الأكثر تمثيلا فيهم «حزب الله» يعتبر أن المؤامرة عليه قائمة على مدار 24 ساعة في اليوم. والمسيحيون عندهم حنين إلى سلطة ما قبل الطائف، وواقعون أسرى فيها، ليسوا قادرين على أن يخرجوا منها ولا قادرين على أن يحلوها.
هناك عند السنة من يقول إنني غير موافق على هذه المظلومية وخياري الدولة هو سعد الحريري والمستقبل والإصرار على الاعتدال رغم التساؤلات المشروعة المطروحة بالشارع السني. وعند الشيعة هناك (رئيس مجلس النواب) نبيه بري الذي يتصرف باعتباره ضمانة وطنية وضمانة لعروبة الشيعة. عند المسيحيين يجب أن يكون العماد عون ليس أقل حرصا ولا أقل اعتدالا ولا أقل رغبة في حماية النظام والبلد. ما نسمعه الآن معاكس لذلك وكأن وزير (الخارجية جبران) باسيل يخوض انتخابات التيار الآن.
* تقصد عبارة «نأخذ حقنا بأيدينا» التي وردت في حديثه الصحافي (أول من أمس)؟
- نعم، هذا كلام خرب البلد في زمانه وهذه الصياغات كانت أساسا لنشوء تطرف مقابل. هذا كلام لا يقال لا بالسياسة ولا بالعقل ولا بالحكمة ولا بالمسؤولية الوطنية.
* هل سينفجر مجلس الوزراء في جلسته المقبلة (اليوم)؟
- لا، الرئيس تمام سلام وكل الوزراء حريصون على معالجة الأمر بالحسنى ودون تشنج، ومهما فعل هؤلاء، فهم غير قادرين على تعطيل مجلس الوزراء، بل يستطيعون أن يعبروا عن رأيهم والآخر إما يأخذ به أو لا. هذه حدودها.
* ماذا عن بقية المسيحيين من حلفائكم؟
- أسجل عتبا كبيرا على مسيحيي قوى 14 آذار، هذا الحياد الذي لا أجد فيه أي مبرر وطني على الإطلاق، وهذا الخوف من الكلام الطائفي الذي يجعلك تتردد أو أن تنكفئ هو كلام لا يخدم البلد ولا المسيحيين.
* ماذا لو ترك العونيون ومعهم «حزب الله» الحكومة؟
- نبقى نسعى إلى أن يبقوا في مجلس الوزراء، ونحن لم نتخل عنهم، ومجلس الوزراء سيجتمع ويقوم بواجباته تجاه البلد، والميثاقية تبقى موجودة حتى لو غابوا. وأنا أعتقد أن التواقيع على الدورة الاستثنائية سوف تزيد الأسبوع المقبل من المسيحيين المترددين. وأنا أريد أن أحيي الوزير جبران عريجي على توقيعه المسؤول والوزير سليمان فرنجية أيضا.
* المسار الذي يمشي فيه لبنان في ظل كل العواصف بالمنطقة كيف يمكن أن نستمر به؟
- قدرنا على أن نتجاوز أو نحيد تدخل حزب الله في سوريا عن حوارنا معه. نحن نتصرف بمسؤولية وطنية تجاه البلد وليس بمسؤولية المظلومية السنية الشائعة في كل مكان والتي يستغلها التطرف والتكفير بكل الاتجاهات. ومع ذلك بقينا صامدين ومصرين دون تردد ونحن نعرف أنها خيارات غير شعبية. نجحت تجربة المسؤولية في البلد كما في الخطة الأمنية وفي تعيينات بمراكز شاغرة وفي إنهاء إمارة رومية فلماذا نضيع هذه التجارب؟ وبسبب ماذا؟ تعيين قائد جيش؟ وفق أي معادلة وميزان قوى يحكى هذا الكلام؟ بالمطلق؟ المطلوب الآن منهم أن يخرجوا من التاريخ ويدخلوا الواقع.
* ماذا عن المظلومية السنية التي تواجهونها؟
- هذا واقع، مهما قلنا عن الذي حصل أخيرا من رد الفعل على ما حصل في سجن رومية من اعتداء على السجناء. وأنا قمت بما لم يقم به أي أحد للحفاظ على الحقوق للمساجين، وقمنا بسجن عسكريين بسبب الاعتداء على سجناء. لا يوجد تعذيب ممنهج في لبنان، مع ذلك رد الفعل الذي حصل قاس جدا ومعيب، ولا بد من مراجعة هذه السياسة. منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري إلى اليوم لم يحصل رد فعل قاس كهذا، رغم كل ما يمكن أن يقال إن ظلما وقع على السنة سواء بعلاقتهم بالمؤسسة العسكرية أو علاقتهم بالمحكمة العسكرية أو علاقتهم بالتوقيفات التي تمنعهم من أبسط الحقوق الإنسانية. نعم حقهم أن يسألوا لماذا أريد أن أوقف شخصا بسبب مخالفة أمنية أو بسبب قتاله بسوريا، بينما كل القوات العسكرية في حزب الله تقاتل في سوريا ولا أحد يمسها؟ إلا أننا نجاوب بمزيد من التأكيد على الدولة ودور الاعتدال، وهذه السياسة التي يعتمدها الحريري من وقت تم تشكيل الحكومة إلى الآن. هناك مهمة تاريخية أمام الناس الذين يتعاطون بالشأن العام. وصحيح أن هناك غطاء إقليميا ودوليا للاستقرار في لبنان، لكن هذا الغطاء يحتاج إلى رجال لتنفيذه وليس لأشخاص معارضين له.
* يقال إن تيار المستقبل يخسر الشارع السني بسبب الدلال الذي يحظى به حزب الله وهو يقاتل في سوريا.. هل يخسر التيار فعليا بسبب هذه المواقف غير الشعبية للتيار؟
- هذه كلها مواقف غير شعبية و«لكنها» بقرار منا وليس بالصدفة. الاستسلام لمنطق التطرف تحت شعار الحفاظ على الشعبية مربح على المدى القصير، لكن على المدى الطويل ينهي فكرة الدولة، ونحن لسنا مستعدين لأن نساعد لإنهاء فكرة الدولة رغم اعترافنا أن هناك جوانب للمظلومية. وبالنتيجة أي قبول بمنطق التطرف أو المنطق العام للمظلومية لا يضيف في حسابك بل في حساب التطرف على عكس الشائع. ونحن اتخذنا قرارنا رغم معرفتنا بأننا نعلم أنه ليس شعبيا، وهذا جزء من الحوار داخل المستقبل وجزء من الخلاف داخل التيار، ومع ذلك ما زال الرأي والتوجه نفسه، أي الدولة والاعتدال والحوار.
* هل الشارع السني في لبنان يبتعد عن تيار المستقبل؟
- الغالبية العظمى منه لا تزال على موقفها، هؤلاء الناس متروكون من كل العرب، بالخارج ظهرهم مكشوف وفي الداخل على عكس خصومهم. يتعرضون لظلامات معينة أو تصرفات معينة، نحن نتصرف في حل المشكلة باعتبارها مشكلة موضعية وليست جزءا من سياسة عامة؛ لأن هناك وعيا لخطورة الحرائق التي حولنا. هذا ليس قبولا بل وعي، والحكمة لها ثمن في ظل الجنون، ندفعه وسنبقى ندفعه ولن نتخلى عن خيارنا.
* هل هو خيار مثمر حتى اليوم؟
- لنقل إنه خيار حكيم، وأعتقد أنه بالمنطق العام للدولة والوطن نعم مثمر، أما بالحسابات الشخصية والتيارات السياسية الضيقة فهو خيار غير منتج.
* الدولة اللبنانية تسجل على كل أحد يقاتل في سوريا ويحاسب بينما هناك جيوش تذهب من لبنان إلى سوريا؟
- نحن نعالج الحالات واحدة تلو الأخرى ولا نأخذها بمنطق الهجوم العام الذي كان يمكن أن يأخذه الشارع السني بأكثر بكثير مما يفعل العماد عون. لكننا لم نأخذ هذا الخيار ونعالج الأمور دائما بالتي هي أحسن. منذ سنة إلى اليوم علاقة الشارع السني بالمؤسسة العسكرية اختلفت، ولكن هذا نتيجة جهد وعمل وإصرار وليس فقط لأن موقفهم تغير.
* والعلاقة مع قوى الأمن بعد أزمة رومية؟
- قوى الأمن تحتاج إلى علاج، ولا أحد يعتقد أن هناك تعذيبا ممنهجا أو تعميما لا في التعذيب ولا في الاعتداء، هذا ثمن التصرف الذي قمت به في تصحيح الوضع الشاذ الذي كان قائما في سجن رومية. 
* في إفطار العائلات البيروتية كان الاتهام موجها للرئيس نجيب ميقاتي حول رومية أو على الأقل هو فهمه كذلك..
- نعم، يستطيع. هو قادر على أن يقول كل هذا الكلام لو لم يكن رئيس حكومة 3 سنوات، والسؤال ماذا فعل في الثلاث سنوات؟ وكيف ضمَد الجرح المفتوح منذ عشرات السنوات الذي اسمه سجن رومية؟ هو لم يفعل شيئا وغيره أيضا. أما السبب في هذه الأزمة فهو كل الذين تعاقبوا على السلطة منذ عام 1990؛ لذلك كل شخص يجب أن يحكم عقله وضميره، وأنا لم أفتعل أو أقل كلامي من فراغ، بل هذه وقائع أنت تعرفها وغيرك يعرفها. أنا لم أخترع علاقته التجارية مع عائلة الأسد، وأنا أفصل بين تقديري الكبير لـ«طه» أخيه، وهو صاحب جميل علي، كتبت عنه واعترفت به عشرات المرات، لكن هذا لا يعني أن نجيب ميقاتي يقدر على الاعتداء علي دون أي مبرر بحثا عن شعبية آنية.
* وإلى متى سيبقى الأسد جارا للبنان؟
- الأتراك سيقيمون خلال أشهر منطقة آمنة في شمال سوريا برضا التحالف الدولي أو غير رضاه. لن يقبلوا بقيام شريط تركي - كردي على حدودهم. وهم في اتفاقية أضنة الموقعة مع النظام السوري لديهم حق التعقب لـ35 كيلومترا لم يستعملوه لحد الآن. الحدود الأردنية التي استولت عليها القوى الأكثر اعتدالا من المعارضة السورية. والحدود العراقية بيد «داعش»، ولم يبق سوى النظام الذي سوف يسعى إلى أن يحتفظ بدمشق وحمص وحماه والساحل. وكل المعارك الآن قائمة على عنوان واحد وهو حماية هذا الشريط وحماية طريق بيروت - دمشق الذي هو الوحيد المفتوح على الأراضي السورية، ولا يوجد أي طريق آخر، إلا أنني لا أعلم متى سوف يجلسون على طاولة المفاوضات. هذا نظام ساقط مهما حصل، ولن يحكم بشار الأسد سوريا مرة أخرى، هذا موضوع انتهى. لكن كيف تأتي الأمور تستند على التطورات العسكرية ولا نستغرب إن حصلت انهيارات عسكرية مفاجئة؟ مهما كانت اختراعات الحشود الشعبية أو جيش الدفاع الوطني، فهي لا تحمي دولة.
* هل تتخلى إيران عنه؟
- الإيراني لا يستطيع أن يقرر، أو أن يمنع انهيارات عسكرية مفاجئة. وفي المقابل، الإيراني إذا وقع الاتفاق النووي، هذا الاتفاق يضمن أمن إسرائيل، ومن يقل غير ذلك فعليك ألا تصدقه، أمن إسرائيل. أي لا يوجد جبهة لبنانية ولا سورية. لذلك ما هو منطق المزايدة وقتها؟ تفقد إيران كل منطق المزايدة بالمنطقة.
* لهذا تحدثت عن خسارة الهلال الفارسي أمام القمر العربي؟
- أنا لم أتكلم، هم من قالوا. قائد الحرس الثوري الإيراني قال بأن ما نقوم به هو توسيع الهلال الشيعي. فماذا تنتظروا مني أن أرد عليه؟ أنا تجنبت لفظة الشيعي وقلت هلال إيراني فارسي، لأن القمر العربي الذي سوف ينتصر يضم العالم العربي بكل طوائفه وليس قمرا سنيا فقط، ولو كان بأغلبيته سنيا لكن هناك مسيحيين عربا وشيعة عربا. عمليا نحن خيارنا العروبة ولا يوجد حل غير العروبة. إيران جعلت من الدين موضع تنازع وموضع خلاف، والرد الوحيد هو المزيد من التمسك بالعروبة وأي كلام خارج هذا السياق يخدم المشروع الفارسي.
اتهموني بأنني أحرض قوميا، إنما أنا أهرب من التحريض المذهبي للحقيقة القومية، وهي أننا كلنا عرب وباعتراف الكل. هذه العروبة لا تقوم ولا تستمر إلا بتحالف استراتيجي لا ينقسم بين السعودية ومصر. 
وعندما قامت عاصفة الحزم فهي رفعت رأس العرب وليس السعودية فقط، لكن الرأس العربي بحاجة إلى أكثر من قوة ليبقى مرفوعا. القوة الوحيدة التي تضمنه وتبقيه قائما ومرتفعا ومتماسكا وقادرا تحالف استراتيجي بين مصر والسعودية، وهذا يتطلب مفاهيم جديدة عند الطرفين، ويجب أن تتوفر، وأكثر واحد مقيمة في ذاكرته تجربة والده هو الملك سلمان، في كلام الملك عبد العزيز عن مصر وأهميتها. الآن بدأ يظهر أكثر فأكثر أن لا قيامة للعروبة ولا مواجهة لكل هذا المنطق السائد إلا بهذه العروبة.
* وما موازين القوى على الأرض بين الهلال والقمر؟
- الهلال قوة معتدية ومخالفة للجغرافيا والتاريخ، أي تتقدم بالأمن وليس بالمشروعية، أما القمر فمشروع وهو الطبيعي في المنطقة، أما الطارئ فهو الهلال. وهو قرر المواجهة أمام السعوديين والمصريين الذين هم أكثر ميلا لعدم المواجهة، لكن العقل الأمني الذي يتحكم بهذا التصرف لا يقبل بمنطق التسويات الهادئة، والذي أسس للمذهبية هو هذا المشروع القائم بدستوره على مذهب وليس على إسلام شامل. فالآخرون عندهم مذاهب أيضا في كل البلدان لكن لا يستخدموها باعتبار أنها انقسامية، لكنها لا ترد عليهم بمزيد من الإسلام بل بمزيد من العروبة والتحالفات الاستراتيجية بين دول مثل مصر والسعودية.
* كيف تقيم الوضع الأمني في لبنان؟
- الوضع الأمني في لبنان تحت السيطرة الجدية ومشكلاتنا مثل مشكلات غيرنا ليست استثنائية، مثل مشكلات أي دولة عادية لا يوجد حولها كل هذه الحرائق، لا يوجد جرائم منظمة ولا مشكلات أمنية ليس لها حل، ولا يوجد شيء فعلا يسبب القلق الكبير، وهذا سبب أكثر وأكثر لأن يأتي العرب إلى لبنان، ويؤكدوا ثقتهم به، وأنا أعرف مدى محبتهم للبنان. والكلام الذي سمعته من خادم الحرمين ومن أمير الكويت عن لبنان لا أعتقد أن لبنانيا ممكن أن يقول أفضل منه، أو أن يملك هذا القدر من العاطفة والمحبة للبنان.
* لم نعد نسمع بالخطط الأمنية.. أين أصبحنا؟
- هناك عمل أمني جدي لم يعد هناك حملات عسكرية، لكن هناك متابعة أمنية جدية في كل المفاصل.
* ماذا عن الضاحية الجنوبية؟
- الضاحية فيها متابعة أمنية يومية وجدية، لا أحد يستطيع أن ينهي وضعا أمنيا شاذا عمره سنوات في أسابيع قليلة. فيها حرية حركة تامة للدولة بالداخل وحضور دائم، وهناك قبول شامل للناس لحركة الدولة وطبيعة وجودها. لم تحل كل المشكلات لكن لم يعد باستطاعة المطلوب أن يتمشى بالشارع. والمطلوبون موجودون في كل العالم ليس فقط في لبنان.
* و«حزب الله» يتعاون؟
- هم يسهلون، باتوا يقبلون بأشياء كثيرة لم يقبلوا بها من قبل. وضعهم بات مختلفا جدا.
* محشورون؟
- لا يريدون أن يفكروا بلبنان. فسوريا أرض جهاد ولبنان أرض إمداد، وكيف يمكن أن يقوموا بالإمداد إذا كان الوضع منهارا؟