لم يظل لمدينة طرابلس غير القطاع التربوي ، لتضربه الدولة المتقاعسة والخاضعة للسياسات الصغيرة ، فطرابلس كما يعرف عنها ، هي مدينة العلم والعلماء وهذا التوصيف لا يمكن لأحد أن يجادل أهلها به ، حيث أن نسبة المثقفين والمتعلمين وأهل الفكر المرتفعة تعكس الجو العلمي والثقافي المهيمن عليها بالرغم من كل خطوط الفقر وتماس المعارك وإرهاب الإعلام الذي يصورّها على أنها متطرفة ...

 

متعلمو طرابلس ليسوا من أبناء الوزراء ولا النواب ولا رجال الأعمال ، ولا هم من خريجي المدارس ذات الأقساط المليونية ، إنما هم أولاد الأحياء الشعبية ومن الطبقة المتوسطة والفقيرة بأغلبهم وهم أصحاب شهادات رسمية من صرح رسمي مجاني .

ولذا تفتخر هذه المدينة بمتعلميها لأنهم أثبتوا أن التعليم الرسمي منتج ، وأن المدارس الرسمية في الشمال تخرّج النخبويين والمميزين .

 

إلا أنّ هناك "خطب" يستهدف المدارس في طرابلس ، فبعد ثانوية أندريه نحاس والتي أثارت جدلاً كبيراً منذ عامين ، من عدم التيقن مما أشيع عن خطر "هبوط المبنى على رؤوس الطالبات" ، إلى عدم تسجل جميع الطالبات في المبنى الجديد ...

 

ثانوية أندريه نحاس يُشهد للكفاءة التعليمية والتربوية التي تحرص على الحفاظ عليها ، وكذلك ثانوية الملعب ( ثانوية المربي حسن الحجة الرسمية ) ، أو "وكذلك كانت" حيث أن مستواها التعليمي قد شهد تراجعاً ملحوظاً ، هذا فضلاً عن شيوع خبر مطالبة مالك العقار به ، مما يهدد مدرسة كانت من أفضل مدارس طرابلس بالإغلاق وتشريد طلابها ...

 

 

في هذا الصدد ، أجرى موقع لبنان الجديد عدة إتصالات على مستويات مرموقة ، ومن خلال تواصلنا مع مصدر مطلع على خفايا الموضوع صرَح لنا بماهياته وأبعاده ، مع الإشارة إلى أنّ موقعنا وقبل الإتجاه لأيّ معلومات ومصادر أجرى إتصالاً مع مدير ثانوية الملعب الرسمية الأستاذ وليد حفار ، غير أنه صرّح أن لا فكرة لديه عن الموضوع وأن الأمر دعوى قضائية بين مالك العقار و وزارة التربية ولا علم لأحد بما يتضمنه الملف .

 

وبالعودة إلى المصدر الذي قد تواصلنا معه ، فهو قد قسّم مشكلة المدرسة إلى موضوعين مختلفين ، الأول هو أنّ مشكلة العقار وتسليم الثانوية للمالك مطروحة منذ عدة سنوات  ، وأنه كان على الدولة منذ حينها تأمين البديل والبديل موجود ، إذ يوجد قطعة أرض بالقرب من الثانوية تابعة للبلدية ، ولو أنها باشرت منذ حينها ببناء المدرسة لكانت الآن جاهزة ، ولكانت الدولة قد وفرت الإيجار الذي تدفعه للمالك ( 200 مليون / 250 مليون)

وأكّد لنا المصدر أنه لا يجوز تسليم المدرسة قبل تأمين مبنى للطلاب ، متسائلاً : أن هناك أحكام على الدولة منذ عشر سنوات ولم تنفذها .

فلماذا تريد الآن التنفيذ ؟ ، مشيراً إلى أنّه هناك ربما جهة ما تضغط  لإتخاذ القرار .

 

أما الموضوع الثاني الذي أشار إليه المصدر ، فهو متعلق بالنتائج ، حيث أنه منذ ثلاث سنوات لليوم كان هناك ثغرات في الأداء ، فالمدير الحالي هو أستاذ جغرافيا غير أن موضوع الإدارة يتطلب عدة أمور غير أن يكون الشخص بارع بمادته ، الإدارة تطلب شخصية ، ثقافة ، محاسبة ، مقدرة على إستيعاب الأمور وعلى تحمل المسؤولية ...

كما وأوضح  لنا أن هناك ما أشيع عن سعي المدير لإستقطاب الطلاب لجهة سياسية معينة (الي جابته) أي الرئيس الميقاتي ، مع الإشارة إلى أن هذه الجهة قد لا تكون تطلب منه ذلك، وأضاف أنّ المدير هو أيضاً مسؤول تربوي ضمن جهته السياسية ،متسائلاً :  كيف يكون مدير ؟ وكيف يكون مسؤول تربوي في تيار ما ...

 

وصرّح لنا المصدر إلى أن المشكلة تكمن في شخصية المدير ، حيث أنه إذا وقع خلاف بين الأستاذ والطالب يقوم بتأنيب الأستاذ وتهنئة الطلاب .

مع أنه يملك أفضل الأساتذة غير أنه لم يحسن الإدارة .

 

كما و وضّح  لنا أنه بعد النتائج الغير مرضية التي حصدتها المدرسة إتهم المدير الطلاب بالفشل ، كما وقارن لنا  بين نسبة النجاح في ثانوية الملعب والنسبة المرتفعة التي حققتها ثانوية طرابلس الرسمية للبنات ، مع أن الطلاب في المدرستين من بيئة واحدة ومن نفس المناطق ويعايشون معاناة متشابهة ....

وتساءل : هل يعقل أن الطلاب فاشلون فقط في ثانوية الملعب ؟

وأضاف في هذا السياق لنفترض أنّ الطلبة كما يدعي هو ، واجبه إذاً كمدير أن يتخذ إجراءات لتحسين مستواهم ، حيث أنّ المدرسة من تتحمل مسؤولية طلابها ، والمدير هو من يتحمل تبعات النجاح والفشل ...

وصرّح لنا بمخالفة للقانون إقترفها المدير وهي تعيين زوجته ناظرة معه وهذا ما يتعارض قانونياً  ...

 

وعن الإجراءات التي ستتخذ من طرف المصدر ومن معه ، أكد لنا أنهم ليسوا ضد طرف سياسي ولا ضد الرئيس الميقاتي ، فثانوية طرابلس الرسمية مديرتها محسوبة على الميقاتي ، وهي إنسانة ناجحة وقدرنا لها النتائج الرائعة .

والأمر ليس سياسياً هو تربوي وتعليمي والهدف الحفاظ على هذا القطاع ، وأنهم يطالبون من الرقابة والتفتيش أن يتقصوا أسباب هذا الفشل الهائل .

 

وعن الحلول المطروحة ، فأخبرنا أنها تتمحور بالسعي مع الخريجين ( خريجي ثانوية الملعب) وهم أهم رجال الفكر في طرابلس لإنقاذها على صعيد المبنى ولتحريك التفتيش .

 

هنا إنتهى ما أفاد به المصدر لموقع لبنان الجديد ، وهنا أتساءل ، ما الهدف من إستهداف القطاع التعليمي في طرابلس على صعيد المبنى والمضمون؟

وأين بو صعب من هذه الكوارث التعليمية ؟!

 

فأهل الشمال هم أبناء التعليم الرسمي ، وهم لا يملكون المقدرة المادية للتعليم الخاص ، ولأعوام عديدة تفوق طلاب الرسمي من طرابلس على أفضل المدارس الخاصة بها ...

فهل يجوز هذا التقاعس عن الشمال وأهله وتعليمه ، وهل يحق لدولة دمرت طرابلس أمنياً وإقتصادياً ان تتجاهلها تربوياً ...