شكلت زيارة الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة سيغريد كاغ، الاولى من نوعها لبلدة عرسال الحدودية مع سوريا، اول من امس، مؤشرا بارزا على مواصلة المجتمع الدولي التمسك باستقرار لبنان وسط لهيب النيران الاقليمية، وعلى اعتبار الجيش اداته الرئيسة، بما يفتح الباب امام مطالبة رسمية بالإسراع في تأمين مستلزمات صموده ليحمي الحدود بالاتجاهين ومنها الدفع باتجاه مساندته ميدانيا كما على الحدود الجنوبية مع اسرائيل.

ومعلقة على الزيارة التي اتت قبل اسبوع واحد على الاحاطة التي ستقدمها كاغ، في اطار متابعة مجلس الامن تنفيذ القرار الدولي 1701 ، شددت المسؤولة الاممية على «مواصلة دعم المجتمع الدولي للجهود الآيلة الى الحفاظ على الاستقرار في ظل ازمات المنطقة». وقد رأى سياسي لبناني سيادي مخضرم في موقف كاغ «فرصة فريدة للحكومة وصلتها على طبق من فضة» لتطالب بأن يتخطى دعم الجيش التجهيزات والتدريبات «وصولا الى المطالبة بمساندة دولية ميدانية يتيح لها نص القرار 1701 مطالبة مجلس الامن بها» وان عليها «ان لا تفوت هذه الفرصة» خصوصا وان كاغ رأت ان وجود الجيش في عرسال «خط تماس بالنسبة الى لبنان وكذلك الى اوروبا».

ويشدد السياسي المخضرم على ان بإمكان لبنان اذا احسن استغلال فرصة الافادة من الاهتمام الدولي بما يجري في مناطقه الشرقية للدفع في اتجاه مدّ ولاية القرار 1701 من الحدود الجنوبية الى الحدود الشرقية والشمالية، لافتا الى تزامن زيارة كاغ مع وجود السفير الفرنسي باتريس باولي في بعلبك التي جدد منها موقف بلاده «الداعم الحقيقي والفاعل» للجيش عازياً التأخير في وصول دفعات السلاح الى شلل في اجهزة الدولة من جراء الخلاف السياسي المتفاقم الذي افرغ رئاسة الجمهورية منذ اكثر من 13 شهرا، والذي شلّ عمليا نشاط المجلس النيابي، وهو الشلل الذي يهدد مصير الحكومة المؤسسة الشرعية الوحيدة التي ما زال فيها نفس ينبض والتي يهدد تعطيلها بتحويل لبنان عمليا الى دولة فاشلة باعتبارها الصلة الوحيدة التي ما زالت تربط الشرعية المحلية بالخارج.

فبعد انقطاع الحكومة عن الالتئام ثلاثة اسابيع، بسبب تمسك وزراء التيار «الوطني الحر» مدعومين بوزراء حليفهم «حزب الله» بأولوية بت بند التعيينات الامنية، يجتمع مجلس الوزراء اليوم في جلسة ما زال مصير إنتاجيتها مجهولاً. ولكنها تقررت تمسكا من رئيسها بصلاحياته الدستورية وبعد توفير ما يؤمن بالحد الادنى ميثاقيتها في حال تمسك المعارضين بموقفهم. ولاقى الموقف الحكومي الرسمي دعما من حركة «امل» التي اكدت تضامن وزرائها بما يعني عمليا رغبة ضمنية لدى «حزب الله» بعدم نسف الحكومة وتحويلها الى حكومة تصريف اعمال في وقت اصبحت فيها امور المواطنين الحياتية، واولها الرواتب، مهددة بالتوقف، كما ثمة عدد من الهبات والقروض بحاجة الى الاقرار والا عفا عليها الزمن لذا كان التوافق على الدعم الحكومي لمساعي جمع البرلمان في اطار تشريع الضرورة عبر تأمين الدعوة الى دورة استثنائية. 

لكن الرغبة الدولية وارادة الاطراف المحلية، ومن ضمنها «حزب الله» الذي يريد الانصراف لتورطه المكلف في سوريا انما باستثناء «التيار الوطني الحر»، الحفاظ على الاستقرار لا تكفيان وفق المصدر نفسه لضمان منع النار الاقليمية، خصوصا السنية-الشيعية، من اقتحام الحدود رغم الحوار المستمر بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» وهدفه الاساسي التخفيف قدر الامكان من حدة الاحتقان طالما ان وتيرته الاقليمية على ارتفاع وفق كل المؤشرات.

وفي هذا الاطار تندرج حادثة السعديات التي لا يضمن حصرها في هذه المرة عدم تكرار انماط شبيهة لها سواء على الطريق الدولية التي تربط بيروت بالجنوب او في مناطق اخرى، والتي يدرجها السياسي المخضرم نفسه في ظل ارادة «حزب الله» الإمساك بمفاصل الطريق الساحلية عبر اقامة مجمعات سكنية تشكل نقاط مراقبة وتقويم وتنفيذ في حال الضرورة.

    ربي كبارة