هناك أربعة مواضيع للخلاف بين إيران والدول الخمس زائد واحد ،  يحاول كل من الطرفين حلحلتها تمهيداً للوصول إلى الإتفاقية النووية، وهي عبارة عن إزالة العقوبات ومدة تقييد الأنشطة النووية ، وإستمرار الأبحاث وتنمية الأنشطة في فترة التقييد، وموضوع التفتيش للمواقع التي يتم فيها الأنشطة النووية .

 

ويبدو أنّ الثلاثة الأولى من بين هذه المواضيع الأربعة،  موضوع التفتيش هو الأصعب حيث أن الإيرانيين ينطلقون من مبدأ عدم الثقة بالغرب ، وبل من منطق المؤامرة ، يرون أن ما يبتغيه الغرب من خلال المفاوضات ، ليس الحد من طاقات إيران النووية بل إنهم يريدون القضاء على الجمهورية الإسلامية لأنها عرقلت أمام مشاريع الإستكبار العالمي في المنطقة منذ ما يقرب أربعة عقود .

 

وعين الإيرانيين في عدم ثقتهم للغرب ، على ضرب منشآت العراق النووية من قبل الكيان الصهيوني والقضاء على أنشطة ليبيا النووية من قبل الولايات المتحدة ، كما على دعم الغرب لنظام صدام حسين في حرب شنه ضد إيران .

 

وفي المقلب الآخر يرى الغرب وخاصة الولايات المتحدة بأنّ إيران كانت لديها طموح للحصول على القنبلة النووية بعيداً عن أنظار المجتمع الدولي ، وأنها بادرت بتخصيب اليورانيوم على مستوى الإختبار، من دون إطلاع المنظمة الدولية للطاقة الذرية .

 

ويحظى موضوع التفتيش على جميع المواقع المشكوكة من الأهمية بمكان صرح الرئيس باراك أوباما بعد حصول تفاهم لوزان بأنّ إيران قبلت بفرض أشد مراقبة ليس لها مثيل في تاريخ التفتيش على البرامج النووية إطلاقاً ، وإعتبر أوباما إن هذا إنجاز كبير، يبرر العمل من أجل الحصول على الإتفاق النووي مع إيران .

 

كما صرّح وزير الخارجية الأميركي جون كيري حينها أنّ أساس التوافق سيكون الشفافية والمساءلة و التحقق من سلمية أنشطة إيران، مضيفاً بأننا نريد أن نطلع على ما يجري .

 

ولكن بعد تصريحات المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله خامنئي، يبدو أنّ إيران لن تقبل بتفتيش مواقعها العسكرية والآن يشكل هذا الموضوع عقبة وعقدة معقدة دون الوصول إلى الإتفاق النووي.

 

ومن منظور إيراني يمكن تفهم هذا الموقف المتشدد، حيث أن خامنئي وبالرغم من تشاؤمه بالغرب ولكنه قبل بالمفاوضة معه لإختبار جديته وصدقيته، كما كان هناك ضغوط داخلية خاصة بعد مجيء الرئيس روحاني الذي راهن وناور كثيراً على موضوع رفع العقوبات عبر التفاوض مع الغرب، وتحرير الإقتصاد الإيراني من الحصار المفروض عليه .

 

ولكن لو يكون ثمن رفع العقوبات، فرض التفتيش على المواقع العسكرية، التي يمكن استخدام المعلومات المأخوذة منها لإيقاع الضربات السريعة عليها في المستقبل، فمن الطبيعي أن لا يقبل بها الإيرانيون.

 

إنّ التهديد المحتمل من فتح المواقع العسكرية أمام المتفتشين الدوليين، لن يقل خطورة عن الحصار الإقتصادي المفروض عليها حالياً، وفق الإيرانيين .

 

فهل يحول هذا التهديد المحتمل دون الوصول إلى الإتفاق النووي، في الوقت بدل الضائع من المفاوضات النووية؟