ثمّة سؤال يُطرح في مجالس اللبنانيين، وينقسمون حول الإجابة عنه على نحو انقسامهم حول كل شيء: هل سيُهزم حزب الله في سوريا؟ وهو يُطرح بصيغة أخرى أيضاً: هل سينتصر "حزب الله" في سوريا؟

 

والحال أن "حزب الله" لا يقاتل لوحده في سوريا، وبهذا المعنى يبدو السؤال لبنانياً، أي أنه ينطوي على رغبة في توظيف الهزيمة أو النصر في لبنان. أنصار "حزب الله" يريدونه أن ينتصر في سوريا لينتصر في لبنان، وخصومه يريدون هزيمته هناك ليترجموها هنا.

 

إذاً سوريا خارج حساباتنا الضيقة على طرفي الانقسام اللبناني. ولكي نجيب على هذا السؤال بقدر من الموضوعية والحياد، علينا أن نخرج من الهمّ اللبناني للسؤال، وهذه مهمة ليست سهلة.

 

"حزب الله" جزء من حلف إقليمي واسع، ولكي نُقدّر حظوظ نصره وهزيمته في سوريا، علينا أولاً أن نُقدّر احتمالات نصر أو هزيمة هذا الحلف. عناصر التقييم يجب أن لا تقتصر على الوقائع الميدانية اليومية، ذاك أن سقوط خصومه في وهم هزائمه في درعا وفي إدلب، وسقوط أنصاره في وهم انتصارات له سبقت هذه الهزائم في دمشق وفي درعا والآن في القلمون، كشف أن التسرّع في البناء على وقائع موضعية سيفضي إلى استنتاج خاطئ.

 

الحلف الذي ينتمي إليه "حزب الله" لا يبدو اليوم في موقع الهزيمة، كما أنه ليس في موقع الانتصار على الإطلاق. الأميركيون يفاوضون الإيرانيين حول برنامجهم النووي، وحول كل ما يتعلق بهذا البرنامج من ملفات إقليمية. وهذا يعني أننا لسنا أمام هزيمة وشيكة لطهران. أن تسقط إدلب في هذا الوقت، وأن تتداعى دفاعات النظام في جنوب سوريا، فهذا لا يعني تغييراً كبيراً في المعادلة، لا سيما أننا أمام عجز كبير في قدرات المعارضة السورية على الاستثمار في هذه الانتصارات.

 

في المقابل، تتحول هذه الشكوك يقيناً عندما نحولها إلى سؤال عن هزيمة "حزب الله" في سوريا. فالحزب لن ينتصر هناك مهما طال أمد قتاله. سوريا ليست بلده، وأهلها بمعظمهم لا يريدونه، ولا مستقبل لحليفه السوري بشار الأسد. المسألة مسألة وقت ليس إلا، و"حزب الله" يدرك ذلك. سوريا خسائر مجانية للحزب على المدى الطويل، ويبقى أنه، ومن خلفه طهران، يُصارعان الوقت في سوريا، ومصارعة الوقت في الحروب ليست عبثاً، لكنها مكلفة ومرهقة وخطرة، لا سيما إذا كانت غير مضمونة النتائج.

 

مهمة الوقت في الحرب السورية هي العودة إلى مربع الدولة العلوية، مع امتداداتها في دمشق وحمص وحماة. وهنا يضيع النصر والهزيمة بمعاييرهما اللبنانية. و"حزب الله" خبير في تحويل الهزيمة نصراً في لبنان. فالحلف الذي ينخرط فيه خسر حتى الآن نحو 70 في المئة من مساحة سوريا، فيما هو يسجل الانتصار تلو الانتصار في القلمون. وبهذا المعنى يمكن للحزب أن ينهي مشواره السوري بدويلة علوية، وأن يتم ذلك على وقع التفاوض مع واشنطن في جنيف، وأن لا يعني ذلك هزيمة لبنانية له.

 

هزيمة "حزب الله" في لبنان غير ممكنة من دون هزيمة إقليمية للمحور الذي يمثله، وانتصاره، في لبنان أيضاً، لن يتحقق طالما أن حظوظ انتصاره في الإقليم منعدمة.

 

سنبقى على شفير الحرب طالما أننا لسنا بصدد تغير كبير في هذه المعادلة.

 

المصدر: ناو