منذ فترة كنت أرى تداول الكثير من المقاطع الروائية لأحلام مستغانمي، لم اكن اعرف من هي و قلت انه تداول عابر...

فأصبحت أرى من فترة لأُخرى تداول مقتطفات من رواياتها فأحببت ان اقرأ لأتعرف على نمط فكرها و طريقة كتاباتها التي ينشدّ اليها بعض الناس ( مع العلم لا أُطيق الروايات بتاتاً إلا من سيدنا الشيخ علي الطنطاوي رحمة الله تعالى عليه لأنك تبكي و انت تقرأ لا حزناً على البطلة المظلومة و لا البطل المقتول، بل تبكي حبا و شوقا لله سبحانه) ... فرأيت كلاما ازعجني كمسلم لا كرجل والله ...

اسلوب ليس لنا، كلام خارج اخلاقنا و أدبنا و حيائنا ... طُرق للحل بخلاف و عكس ما يحب الله و يرضاه ... بذائة و دنائة في سرد القصة .. فسألت نفسي ما مدى هذا الأثر السيئ الذي سيكون على عقول شبابنا و بناتنا، بالأخص لمن يحبون ان يعيشوا الرواية و هم كُثر...!!

واسمحوا لي بداية أن أوضح أن لا مشكلة لدي مع قصص وروايات الحب، فكلنا بشر وكلنا يُحب، ولا بأس في رأيي من تصوير الحب العفيف (العذري- romance) في رواية أو كتاب ما دام مقتصرا على الشعور الإنساني المحض، ولا سيما إن تعداه إلى علاقة شرعية صافية لا تشوبها الخيانة والشهوة المحرّمة.

المشكلة في كتب أحلام مستغانمي بعد اطلاعي على عدة مقاطع هي في وصف الحب الإباحي (الماجن erotic romance) وتعظيم علاقة حب غير شرعية تنتهي بوصال محرّم بين ذكر وأنثى. المشكلة هي في تزيين الزنا والانحلال الخلقي، وإظهار المغامرات الغرامية الماجنة التي تتضمن لقاءات سريّة، بمظهر أنيق وتصويرها على انها أمر رائع وهو ما يحرّض القارئ على تجربتها والخوض فيها. وعلى هذا الأساس أنقل لكم مثال واحد صغير من اصل مئات الأمثلة (فهو كالسم في الدسم) و ارجوا ان تتحملوني..

في روايتها ( الأسود يليق بك ) الذي تغنى به الكثير تحكي فيه قصة فتاة تقع في حب رجل ثري وتكذب على امها وتسافر الى الجزائر بحجة انها ذاهبة الى عمل ما، وهناك تلتقي برجل وتقيم علاقة معه. علاقة غير شرعية ومحرّمة بالكامل، وتستمر العلاقة حتى بعد علمها أنه رجل متزوج يخون زوجته، ويتم تصوير تلك العلاقة على انها علاقة حب وغرام فيها من المتعة والسعادة ما فيها.

أليس هذا تحريضا على الخيانة الزوجية والبحث عن السعادة الغريزية خارج أطار الزواج بصورة غير شرعية ؟؟

للأسف هل هذا هو المستوى الذي نحب أن نُربي عليه أجيالنا ... الأجيال التي ندعوا الله ان يؤيدنا بنصره !؟ الأجيال التي ندعوا الله ان يحميها و يحفظها و بالمقابل نرميهم لهذه المبادئ و القيم؟!

و هنا زيادة من تشويه لصورة الحب!! الحب الذي يُخبّأ عن الأهل والناس.. الحب المتلصص.. الحب الذي يبدأ بهاتف وينتهي بفندق.. الحب الذي لا يُكتمل إلا بكأس نبيذ وليلة زنا.. الحب الذي يرتكز على خيانات، خيانة الله، خيانة الأهل، الزوجة، بل وخيانة الحبّ نفسه… و اصبحنا نراه يتمثل على التلفاز الى ان اصبح حقيقة!!!؟

ويبقى السؤال الأهم: ما الذي جعل أحلام مستغانمي تمرر الخيانة في روايتها بدون عبارة حكيمة واحدة تقول بأن لا أبشع من الخيانة وأن ما عانت منه هالة ليس حكاية عشق فاشلة بل علاقة خيانة لزوجة وابنتيها ولشابة أراد رجل في عقده السادس شراء شبابها والاستمتاع بعبوديتها. ما ذنب القارئ ان يُبتلى و يُفسد بشيء لم يمر عليه او حتى لا تخطر على باله بالذي يقرئه لأن صاحبة الرواية عاشت تجارب غير اخلاقية حكما مبنية على قواعد و اصول هي التي وضعتها ؟!

لكل من يقرأ رواية أحلام مستغانمي “الأسود يليق بكِ” أقول: “احذروا الخيانة عندما تُغلّف بورق الهدايا الملوّن”.

يؤلمني و يحززني أن ارى من يتأثر بهذه الروايات التي هي مضيعة للوقت و خدش للمروءة و استسخاف بالحرام و استمراء له! و بالأخص عندما تكون رواية تصدر من شخص أساس حياته مبني على الحرام و الكفر( فأحلام متزوجة من شخص نصراني فهي مرتدة عن دين الله و لعل هذا الأمر يغفل عنه الكثير) و نمط حياتها و افكارها لا يمت للإسلام بشيء.... و لا ننخدع بذكر حديث لرسول الله هنا و آية هناك...

كتب الروايات غير اي نوع آخر من الكتب.. فكتب العلوم الدنيوية لا يهمك خلفية و عقلية ولا حتى ديانة من يكتبه و ينقل لك.. أما كتب الروايات، فصاحب الرواية ينقل لك احاسيسه و تفكيره و نظرته للحياة و طُرق حل مشاكله بطريقة مزخرفة منمقة تشدك اليه... فهل نقبل هذا على انفسنا و اطفالنا؟!

لعل البعض يقول: هي تذكر قصص واقعية تحصل. أقول لهم: و هل عجز رسول الله عن حلها لكي نرى كيف الست أحلام تحلها!؟؟ و نجعل شبابنا و بناتنا عُرضة للتأثر بها و بمنطقها الأعوج؟!

 

 

(بقلم : صلاح الدين منقارة)