خلال الشهرين الماضيين ( ـي منذ بدء الحرب في اليمن) أطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله على الجمهور ووسائل الاعلام حوالي الست مرات ، إضافة إلى إطلالات غير معلنة كما حصل خلال الإحتفال بمناسبة يوم الجريح ، مع أنه جرى تسريب بعض ما قاله السيد في هذا الاحتفال ممّ أثار الكثير من اللغط وإضطر مسؤول العلاقات الإعلامية في الحزب محمد عفيف لإصدار بيان توضيحي ، كما حرص السيد نصر الله لتوضيح بعض ما نقل عنه وخصوصاً بشأن اعلان التعبئة العامة خلال إلقائه الكلمة في إحتفال ذكرى التحرير في النبطية .

وإطلالات السيد نصر الله خلال هذه المرحلة تعتبر الإطلالات الأكثر عددية  خلال فترة قصيرة منذ سنوات طويلة ، وقد تكون التطورات في اليمن وسوريا والعراق ولبنان هي السبب الأساسي وراء هذه الإطلالات العديدة.

لكن من يراقب هذه الإطلالات يلاحظ بوضوح أنّ هناك مراجعات دائمة في مواقف السيد حيث أنه في كلّ خطاب يحاول تصويب بعض النقاط التي وردت في خطاب سابق مع الحفاظ على الثوابت في الموقف العام من التطورات.

والملاحظ أنه في الخطاب الاخير للسيد نصر الله في ذكرى التحرير يمكن ملاحظة وجود أداء جديد في الموقف وفي الرؤية حيث حاول السيد في هذا الخطاب إعادة فتح قنوات التواصل مع بعض الدول العربية وخصوصاً السعودية من أجل التعاون في مواجهة تنظيم داعش ، كما تميز الخطاب بلغة جديدة من أجل توحيد الجهود لمواجهة المخاطر المختلفة، ورغم الحدة في بعض المواقف التي أطلقها السيد فإن الملاحظ أنه كان حريصاً على البحث عن وجود شركاء له في المواجهة ضد تنظيم داعش وعلى إستثارة الحمية لدى جميع القوى اللبنانية والعربية والإسلامية .

وحسب المطلعين على أداء السيد حسن نصر الله وكيفية تحضير خطاباته ، فإن هؤلاء يؤكدون أن السيد يستمع دائما لردود الفعل على مواقفه وخطاباته وهو يستفيد كثيراً من الملاحظات التي ترفع إليه إن من معاونيه أو بعض الاصدقاء والحلفاء ، ولذلك يحرص دوماً على مراجعة أدائه والإستماع للملاحظات المختلفة ولذلك نلاحظ أنه في كل خطاب جديد للسيد هناك مراجعة ما للخطاب السابق .

والخطاب الاخير للسيد نصر الله يمكن أن يشكل الإستراتيجية الجديدة للحزب في المرحلة المقبلة في مواجهة تنظيم داعش ، فالحزب أصبح يدرك أنه لا يمكن مواجهة مخاطر هذا التنظيم لوحده وأنه لا بد من التعاون مع جميع القوى الوطنية والإسلامية في لبنان والعالم العربي والإسلامي ، إضافة إلى ضرورة إعادة التواصل مع دول المنطقة رغم وجود الخلافات السياسية مع بعض هذه الدول .

قد يكون صحيحاً أن السيد نصر الله قد ركز على دور الحزب والمقاومة في مواجهة الإحتلال الإسرائيلي رغم وجود خلافات في الرؤية حول هذه المواجهة مع بقية اللبنانيين ، وقد كرر السيد كلمة " بعض اللبنانيين" الذين واجهوا الإحتلال الإسرائيلي وهم يواجهون اليوم تنظيم داعش ، لكن السيد يدرك أنه خلال السنوات العشرين لمواجهة الإحتلال الإسرائيلي تطورت كثيراً المواقف اللبنانية بشأن الإحتلال ووصلنا إلى نوع من التناغم بين المقاومة والدولة وحصل نوع من الإجماع لدعم المقاومة.

واليوم لا يمكن مواجهة خطر تنظيم داعش والتطورات الجارية في المنطقة إلا من خلال تعاون وطني - عربي- إسلامي – دولي ، وأنه لا يمكن لحزب واحد أو جهة واحدة أو دولة واحدة أن تواجه هذا الخطر وكل ذلك يتطلب رؤية جديدة للصراع وما ورد في خطاب السيد نصر الله  الأخير يحمل إشارات مهمة في هذا الإطار وهذا يشكل بداية مراجعة للأداء الذي تم خلال الأشهر الماضية .