نظّم منتدى صور الثقافي لقاءً حوارياً مع رئيس "جمعية الوسط الإسلامي اللبناني" الشيخ حسين إسماعيل حول "مفهوم الوسطية والإشكاليات التي تواجهها"، بتاريخ 20 /5/ 2015 بحضور منسق عام تيار "المستقبل" في الجنوب ناصر حمود، مسؤول العلاقات العامة في حزب الله الشيخ أحمد مراد وشخصيات. بالإضافة إلى فاعليات أخرى سياسية وروحية وإجتماعية وأحزاب وقوى لبنانية وفلسطينية وإسلامية وثقافية

. 1- وتحدّث رئيس الجمعية في نص كلمته في البداية عن معنى الوسطية في اللغة العربية : " فالوسطية مأخوذة من كلمة وسط ، وهى تدل على العدل والفضل والخيرية والنصف والتوسط بين الطرفين ويشير هذا المعنى كبار علماء اللغة العربية لا سيما ابن فارس صاحب معجم مقاييس اللغة وابن منظور صاحب كتاب لسان العرب.

" 2- وأشار فيها الى أهمية " الحديث عن الوحدة الإسلامية ، لأنّها عامل هام وكبير في بناء الأمة حضارياً وثقافياً وسياسياً واقتصادياً وأمنياً .

" 3- وأكدّ على أنّ " الوسطية تجلت في سنة الرسول الاكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم قولاً وفعلاً وتقريراً ، وهي إنعكاس للوسطية في القرآن الكريم ، وكانت سبباً في نشر رسالة الإسلام وإقبال الناس على الدخول فيه "

4- وذكر أنّ الوسطية تجلّت " في منهج أهل البيت عليهم السلام ، وخاصة في مواجهة المخاطر والتحديات التي شكلت تهديداً لرسالة الإسلام وخاصة بعد رحيل الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم, حيث أبقوا خلافهم حول الخلافة في الدائرة السلمية والحوارية ، وحافظوا على وحدة الأمة

" 5- وتحدث إلى " أنّ الوسطية هي فكر حضاري ينبع من الشعور الداخلي للإنسان بالمسؤولية اتجاه مجتمعه واتجاه حياته الرسالية والإيمانية والإجتماعية، نعم فالإنسان يميل بطبيعته إلى الوسطية والإعتدال إذا لم يتم تشويه هذه الطبيعة بثقافات ظلامية باسم الدين والقيم . كما أنّ الوسطية هي فكر تدعو إليه جميع مكنونات الإنسان من عقل و منطق و عاطفة ، وهي لا تخص شخصاً دون آخر ولا مجتمعاً دون آخر ولا ديناً دون آخر ، بل هي فكر متأصل في وجداننا وليست فكراً طارئاً .

" 6- وأوضح الى أن جمعية الوسط الاسلامي تدعو : " إلى رفض منطق التطرّف الفكري والسلوكي في فهم الدين و عدم الغلو فيه وتؤكد الوسطية الإسلامية كما تقدم على مبدأ الأخوة الإنسانية والعدالة الإجتماعية للجميع في الحقوق والواجبات. "

7- وأكدّ : " أنّ الهدف المباشر لتأسيس جمعية الوسط كان وما يزال نشر الثقافة الوسطية التي تشكل حصانة للأمة الإسلامية لمواجهة التحديات التي تعيشها من فوضى خلاقة مصطنعة يتم دفعها إليها ،وهي تنهش في جسدها ومجتمعاتها وتعمل على إشعال الحروب والفتن ودفعها الى الإصطفافات المذهبية من خلال الثقافات المسمومة ، وخاصة ثقافة الغلو في الدين والتكفير للمسلمين ، وهما ثقافتان متلازمتان ولا يمكن نجاح إحداهما من دون وجود الاخرى.

" 8- وأشار إلى : " أن مواجهة هذه التحديات تفوق قدرتنا كجمعية إصلاحية فتية ،ولكن لكل امرئ ما سعى ، و كما سعى منتدى صور الثقافي بإستضافتنا ضمن مسعاه لنشر التوعية ، سنسعى ضمن القدرات المتاحة لنا لحياة ومجتمعات أفضل من خلال ثقافة إسلامية وسطية. "

9- وذكر إلى : " أنّ جمعية الوسط تعمل على التقريب بين المذاهب وهذا التقريب ليس على قاعدة أن يصبح السني شيعيا أو الشيعي سنياً ، بل أن يكون الجميع في دائرة الإسلام الجامع الرافض لمبدأ التكفير المدمر لكيانات المسلمين، والخارج عن أصول الدين الصحيح ."

10- وأكدّ : " أنّ التشيع والتسنن هما من مدرسة واحدة هي مدرسة القرآن والسنة النبوية الشريفة ، وأن الخلافات العقائدية والفقهية ومسألة الخلافة هي ضروريات مذهبية و ليست ضروريات دينية وهي ملزمة لمن ثبتت لديه ،أما إسلام الضرورة الدينية فهو ثابت لدى الجميع على مستوى الأصول الدينية الثلاث ،التوحيد ،النبوة و المعاد, وكل ذلك ثابت في أبحاث كبار الفقهاء والعلماء ."

11- وذكر إلى أن الجمعية تدعو : " إلى الإنفتاح على مختلف الثقافات و تعزيز اللقاءات الحوارية و تعزيز نقاط التلاقي معها وتعزيز مبدأ العلاقات ما بين البشر من منطلقات إنسانية و ذلك تأكيداً للقاعدة التي ذكرها لنا الإمام علي عليه السلام : ( الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق)."

12- وأوضح إلى أن الجمعية تسعى إلى :" محاربة الجهل والأمية على مختلف النواحي الدينية والعلمية والثقافية . لأن الإنسان المتعلم هو إنسان يسعى إلى خدمة دينه ووطنه بطريقة علمية صحيحة وواعية ولا ينقاد إلى العصبيات و يجعل العلم معياره في الإختيار والقرار. "

13- وتحدث أن الجمعية : " تسعى إلى تنوير الشباب المسلم والمؤمن إلى الإسلام الصحيح والعقيدة الصحيحة والتفسير القرآني السليم تبعاً للمرجعيات المعترف بها ودراسة علم الحديث والرجال ."

14- كما أكد أيضاً إلى أنّ الجمعية تسعى إلى التصحيح والتغيير ليس في الأصول الدينية الإسلامية بل في طريقة فهمها على مستوى الشكل والأسلوب . فالفكر الإسلامي يتم تشويهه من خلال الفهم الخاطئ و من خلال ثقافات تكفيرية تتلاعب بالأحاديث وبشرح الآيات من دون الرجوع في تفسيرها إلى أهل العلم والتحقيق والمرجعيات المعتبرة و المعترف بها . "

15 - وذكر أنّ التحديات التي تواجهها الجمعية : " هي تحديات صعبة وهي نفس التحديات التي تواجهها المجتمعات والأوطان عامة ، وهي تنقسم إلى تحديات تتعلق بالفكر الإسلامي وتحديات عامة تشمل مختلف النواحي : ومن التحديات التي تتعلق بالفكر الإسلامي التحديات التالية:

أولاً : الإسلام السياسي الراديكالي المتشدد الذي يساهم في دفع المنطقة إلى الصراع منذ زمن بعيد وما يزال يعمل على تفتيت منطقتنا بإسم الدين ، وهذا الفكر بدأ منذ زمن الخوارج في زمن أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام والذي يقوم على فرض مشروعه من خلال ممارسة إرهاب التكفير والتهديد به وما يزال يلقى رواجاً لدى الكثير من المتشددين في أيامنا هذه.

ثانياً : وجود بعض الكتب والأحاديث الإسلامية المروية عن النبي وأهل البيت عليهم السلام والصحابة ، والتي تحوي على كم هائل من الأحاديث غير الصحيحة ، و معظم هذه الأحاديث يتناولها العوام من الناس ويأخذون بها دون أن تكون لهم القدرة على التمييز بين ما هو صحيح وبين ما هو مدسوس ويخالف شرع الله ،ودون الرجوع إلى المراجع المختصة في علم الرجال والحديث ، وهو علم يثبت سند الأحاديث أو يدحضها تبعاً لمصداقية الرجال الذين تسند لهم هذه الأحاديث .

ثالثاً : ثقافة الإرهاب الفكري والعاطفي الذي يمارسه الكثير من الجهات من أجل نشر ثقافتهم و معتقداتهم مما يؤثر سلباً على فهم الإسلام والجمود على مفاهيم مغلوطة. ومعظم هذا الإرهاب الفكري والعاطفي يمارس بشكل فاضح على الناس الطيبين الذين تدفعهم عاطفتهم الجامحة إلى الإنصياع التام لمجمل الأفكار التكفيرية .

16- وأشار إلى : " التحديات العامة التي تشمل نواحٍ مختلفة فهي :

أولاً : وجود مشروع أميركي إسرائيلي لتغيير وجه المنطقة العربية والإسلامية ، يعتمد على إبراز وإظهار كل ما يخدم هذا الهدف من خلال إستغلال الخلافات المذهبية والعقائدية والقومية لدى سكان هذه المنطقة ، حتى الوصول إلى الهدف الرئيسي ألا وهو تقسيم المنطقة إلى دويلات تكون إسرائيل هي الدولة الأقوى بينها .

ثانياً : حضن وإيواء الكثير من الحركات المتطرفة من كافة المذاهب شيعية كانت أو سنية في بعض الدول الأوروبية والسماح لها وتحت مسمى الديموقراطية والحرية في التعبير ببث كل ما من شأنه زرع بذور الفتنة والتكفير والغلو ، والسماح لها بالإساءة لرموز المسلمين ، دون أن تسمح هذه الدول بأي تعبير أو رأي حر اتجاه الدولة الوحيدة الغاصبة في العالم ألا وهي إسرائيل .

ثالثاً : الإستعمال المدروس والممنهج لمواقع التواصل الإجتماعي و من خلال صفحات وهمية وبالمئات ومصحوبة باستغلال الصوت و الصورة لتعبئة المسلمين مذهبياً ضد بعضهم البعض ، وإبراز نقاط الخلاف بطريقة سلبية غير حوارية لإثارة الفتنة والأحقاد ، و كل ذلك بهدف إرجاع المجتمعات العربية و الإسلامية إلى زمن العصبية الجاهلية المدمرة ."

17 - وأوضح أن الجمعية : " قد تعرضت منذ مدة إلى هجمة بسبب تطلعاتها الإسلامية الوحدوية ، وقد إتهمنا بأننا نعمل على هدم التشيع ، ولكن الهدف الرئيسي الحقيقي وراء هذه الهجمة كان الإنفتاح الذي حققته الجمعية كمنبر يعمل على تعزيز التشيع من خلال دعم الإنفتاح على الساحة الإسلامية والوطنية والعربية ، وذلك من خلال النشاطات المتنوعة التي قامت بها الجمعية و ما تزال تسعى لإقامتها من ندوات ولقاءات لتعزيز الوحدة الوطنية والإسلامية، بالإضافة الى الندوة الأخيرة تحت عنوان : ( تحديات العالم العربي ضمن الرؤية المصرية ) ."

18 – وذكر أن الجمعية : " تستقي فكرها من مدرسة القرآن الكريم

أولاً ، وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثانياً، وسنة أهل البيت عليهم السلام التي هي نابعة من سنة النبي ثالثاً . كما نستقي النهج الوسطي الإسلامي من مدرسة علمائنا الأبرار ، وخاصةً الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين قدس سره لإرساء النهج الوسطي في الوحدة الإسلامية ،والإمام السيد موسى الصدر في إرساء الوسطية الوطنية ، والإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين في إرساء الوسطية العربية في الدعوة إلى الإنصهار في المشروع العام لبناء الأوطان والبلاد بما يحقق آمال وطموحات الشعوب العربية والإسلامية . "

19- وأكد أن إصرار الجمعية : " على الوحدة الإسلامية ينبع من تمسكها بالنهج الذي سلكه أئمتنا من خلال رفضهم لأي طرح كان من الممكن أن يؤدي إلى الضرر بالإسلام ، و آثروا إبقاء مسألة الخلافة والإمامة ضمن دائرة الحوار من خلال إثبات حقهم في الخلافة من خلال الأحاديث والآيات التي نزلت بحقهم ، و هم خلال حياتهم لم يبخلوا بالنصيحة والتوجيه للصحابة رضوان الله عليهم في كل الأمور التي فيها مصلحة للإسلام والمسلمين وحقنا للدماء . ثمّ إن أهل البيت حاربوا لغة التكفير وخاصة تلك التي بدأت مع الخوارج ولم تنتهِ حتى يومنا هذا ."

20 – وأشار إلى أنّ جمعية الوسط الإسلامي : " ولدت من رحم التعايش والتقارب الإسلامي الإسلامي و الإسلامي المسيحي ، و من رحم التسامح و المحبة والتعاون بين جميع الطوائف والمذاهب التي تشكل البوتقة الإجتماعية لمدينة صور و قضاءها بل للبنان بوجهه الجنوبي وعبر عاصمته صيدا بوابة الجنوب."

21- وأشاد رئيس الجمعية بالدور المميز : " الذي يقوم به رائد الوسطية السياسية والوحدة الوطنية دولة الرئيس نبيه بري الذي رفض و ما يزال يرفض الخطابات المذهبية والطائفية التي تدعو إلى الإصطفافات الظلامية ."

22 – كما ذكر أنّ الجمعية : " تعتبر أن أهلنا في المخيمات الفلسطينية يشكلون عاملاً يغني الساحة اللبنانية ثقافياً وعربياً من خلال دعمهم للوحدة الوطنية والإسلامية . ورفضهم للمشاريع المتطرفة الداعية لضرب صيغة العيش المشترك ، ممّ يظهر وعياً و حكمةً لديهم في رفض كل ما يطيح ويضر بالقضية المركزية للأمة العربية والإسلامية ألا وهي تحرير فلسطين من العدو الأساسي إسرائيل وعودة جميع أبنائه إلى وطنهم . ونحن من خلال هذا المنبر نعيد ونطالب بدعم صمود هذا الشعب الصابر والعمل على توحيد كلمته عبر مؤسساته الوطنية الجامعة والحاضنة. "

23- وتحدث عن نظرة الجمعية اتِجاه المقاومة والفكر المقاوم فقال : " هي نظرة تنبع من أهمية هذا الدور وهذا الفكر والذي يتكامل مع صمود الشعب اللبناني وجيشه الباسل وإحتضان الدولة له من أجل حماية لبنان من أطماع اسرائيل. "

24- وذكر أن الجمعية تعتبر : " أنّ الإنتصار على الإرهاب في سوريا الذي يتهدد المنطقة العربية يكمن بدعم توجهات الشعب السوري و رفض مشروع التقسيم ودعوة المعارضة المعتدلة والنظام السوري إلى الحوار من أجل مواجهة المشروع التقسيمي المدعوم إسرائيلياً وأميركياً ، ولا شكّ أنّ الإستقرار في سوريا هو عامل إستقرار للبنان و العكس صحيح و على لبنان دعم هذا الإستقرار ضمن الإمكانات المتاحة .

25- وإعتبر رئيس جمعية الوسط الإسلامي اللبناني " أنّ المنطقة العربية تعيش زلزالاً يهدد كيانها ومصالح شعوبها و هو زلزال مفتعل سوف لا يستثني أحداً من تداعياته إذا لم يتم إستدراكه قبل فوات الأوان ، وذلك من خلال خطوات وسطية استباقية ، و مراجعات لمجمل الخطوات الخاطئة التي أوصلت الأمور إلى ما هي عليها الآن وإستدراكها بخطوات تقاربية من قبل الجميع قبل فوات الأوان."