عبّر الأمين السابق لـ "حزب الله" الشيخ صبحي الطفيلي ، عن مواقفه من الأحداث الأخيرة في المنطقة من خلال مقابلة مع "اليوم" ، فتوجه الشيخ للمتعصبين والمتزمتين قائلاً لهم : "إن جهودهم وعملهم لا يصب في خدمة مذاهبهم فضلا عن خدمة الوحدة بين المسلمين، وإنما هم أداة تنفير مما يدعون إليه، وناجحون في تثبيت مخالفيهم على ما هم عليه حتى ولو كانوا على باطل".

كما قال أيضاً :  "لو ان الشيعة وحدهم يدفعون فاتورة تهور قادتهم؛ لهان الأمر قليلاً، لكن الامة بأسرها تدفع هذه الفاتورة، وهي فاتورة باهظة التكاليف، اسأل الله ان يمنح عقلاء الامة وحكامها الرشد والتقوى". وتمنى أن "تطوق إيران وغيرها من الدول الجهل والفقر والفساد داخلها قبل تطويق بلاد المسلمين"، مشدداً على أن "الحرب على الإرهاب ستطول إلى سنوات في سوريا والعراق".

وأكد أن "سياسات القيادة الرسمية لـ "حزب الله" في لبنان لا تعبر عن توجهات كوادره وقاعدته الشعبية، وإنما عن رغبات إيرانية فقط"، موضحاً ان "علاقات الأمين العام لـ "حزب الله" حسن نصرالله مع الدول العربية وخطوط رجعته هي نفسها علاقات إيران وخطوط رجعتها".

 

وفي تفاصيل الحوار ،ففيما يختص موضوع التشيع العربي وأطماع إيران ، كانت إجابة الشيخ عن السؤال المتعلق بموقفه من التشيع في المنطقة العربية هي التالية :

ـ التزاماً بقناعتي الفقهية، المذهبيات اليوم ليست مذهبيات فقهية قائمة على الاجتهاد العلمي، وإنما مذهبيات سياسية قائمة على قواعد الصراع على السلطة وقد بنيت الكثير من خلفيتها العقائدية والفقهية والاخلاقية لتخدم مشاريع الحروب، ولتجعل من اتباع هذه المذاهب قطعاناً هائجة تحارب في خدمة هذا المشروع أو ذاك، بعيداً عن الإسلام والهدي القرآني.

 

أما عن الحلول لإعادة الشيعة إلى انتمائهم الصحيح وايقاف إيران و"حزب الله" عن جرهم إلى مشاريع لا تمت للطائفة الشيعية بصلة؟

فقال الشيخ :

ـ الحقيقة الكثير من المسلمين بحاجة الى حلول لإعادتهم إلى انتمائهم الصحيح وليس الشيعة فقط، والاعادة هذه تحتاج الى الكثير من العمل المخلص والتعاون بين العاملين في سبيل الله من كل المناطق الجغرافية والتيارات الفقهية والعقائدية، وإلى إعلام صادق، يواجه الاعلام الشيطاني، الذي يصم اسماع المسلمين، وشجاعة من يقول الحق ويعمل به قبل دعوة الناس اليه، وحسب تجربتي الحق قريب من اسماع الرجال ولا يحتاج الى الكثير ليميزوه عن الباطل، وفي هذه المناسبة اذكر المتعصبين والمتزمتين بغير حق من ابناء المذاهب ان جهودهم وعملهم لا يصب في خدمة مذاهبهم فضلا عن خدمة الوحدة بين المسلمين، وإنما هم أداة تنفير مما يدعون اليه، وناجحون في تثبيت مخالفيهم على ما هم عليه حتى ولو كانوا على باطل.

 

 

 

وفيما يتعلق بموضوع مستقبل المنطقة العربية ، فكانت إجابته عن الشأن العربي وكيف يصف مستقبل المنطقة بعد أحداث سوريا واليمن والعراق ، هي :

ـ يكاد الخبير بأحوال الأمم والشعوب يقول: إن أمة المسلمين والعرب في طريقها إلى الاندثار والزوال، ككل الأمم الغابرة التي قد لا نعرف عنها اكثر من اسمها، والسبب ليس فقط احداث سوريا واليمن والعراق والصومال وليبيا ولبنان وفلسطين وغيرها والفتن المذهبية والقومية التي ادخلتنا بليل مظلم، انما السياق العام لجميع الوقائع والمتغيرات التي اجتاحت المنطقة منذ قرن تقريباً، ولولا الايمان بالله ووعده بغلبة الحق على الباطل "واظهاره لدينه على الدين كله ولو كره المشركون". لما بقي لنا أمل، لكن رغم كل هذه الوقائع والأحداث، إيماننا راسخ أن الأمة ستخرج ولو بعد حين من مخاضها، وهو ما تثبته رسالة الإسلام ومنطق القرآن الكريم.

 

 

أما إن كان يعتقد أن الشيعة بشكل عام هم من يدفعون فاتورة تهور قادتهم؟

فقد أجاب :

ـ لو أن الشيعة وحدهم يدفعون الفاتورة، لهان الأمر قليلاً، لكن الأمة بأسرها تدفع هذه الفاتورة، وهي فاتورة باهظة التكاليف، اسأل الله ان يمنح عقلاء الامة وحكامها الرشد والتقوى.

 

 

وفي موضوع إيران وعاصفة الحزم ، فأجاب لما سئل عن قراءته لأحداث اليمن وما المتغيرات التي ستشهدها في المستقبل القريب لناحية وضع إيران وسوريا و"حزب الله" فيها بعد عاصفة الحزم؟

 

ـ هناك مبررات كثيرة تجعل المرء يتخوف من ان تطول ازمة اليمن وتتفاعل، كما حصل في فلسطين والصومال والعراق ولبنان وافغانستان، للأسف فإن أغلب احداث المنطقة تجد الكثير ممن يضرم نارها وينفخ لانتشارها، ولا تجد الا القليل ممن يسعى لاخماد هذه النيران وتطويقها،

ولا اعتقد ان لإيران ومن معها هذا التأثير الكبير على احداث اليمن والمنطقة لولا الحماية الامريكية لسياسة إيران فيها، وشواهد هذه الحماية كثيرة جداً، وما يحصل في سوريا والعراق ولبنان خير شاهد على ذلك.

 

وعن الارتدادات المتعلقة فيما يخص مخططات إيران التوسعية في المنطقة.. خصوصاً بعد نجاح "عاصفة الحزم"؟

أجاب الشيخ :

ـ حسب نظري جزء من سياسة إيران حالياً ارتدادات لسياسات سبقت، كما ان الكثير من السياسات الحالية للمنطقة ارتدادات لسياسة إيران، من المهم جداً ان تتوقف إيران عن استفزاز المنطقة والعودة الى منطق التعاون والتعارف الذي امر الله به، وان تعرف ان الغرب يلعب على وتر رغبتها بحضور اقليمي ودولي وازن، ويحرضها على المشاركة في سياسة قد تدمر المنطقة، وان تعرف ان قوتها بقوة أهلها وجيرانها من المسلمين، وتعاونها معهم وهذا الكلام ايضا تطالب به كل دول المنطقة وشعوبها، يجب ألا تشعر إيران أنها معرضة للخطر من جيرانها كما حصل في ثمانينات القرن الماضي، علينا جميعاً من موقع مصلحة كل منا ومستقبله، ان نعيد النظر لنخرج من هذا البحر الهائج بالفتن.

 

وفيما يتعلق بطموح ايران بتطويق الخليج العربي والسيطرة عليه.. وإن كان يوافق على ما قيل من ان إيران هي اليوم باتت مطوقة من ثلاث جهات السعودية وباكستان وتركيا؟

اجاب :

ـ فكرة التطويق فكرة مرعبة تعبر عن مرارة واقعنا الأليم، المسلمون عموما اليوم عاجزون عن تطويق ذبابة كلنا مطوق ومقيد وعاجز، والبعض يلهث وراء سراب، أتمنى أن تطوق إيران وغيرها من الدول الجهل والفقر والفساد داخلها قبل تطويق بلاد المسلمين.

 

 

أما عن سوريا وحزب الله ، فكانت إجابته في الشأن السوري ، عن سؤال : إلى أين ستؤول الأمور في سوريا بعد كل النكبات والحروب التي حصلت ، هي :

ـ قلت مع بداية الحرب في سوريا، إن سوريا ستحول هذه الحرب الى رماد، وتستريح الجبهة الشرقية للعدو الصهيوني الى امد بعيد، بعد ذلك يرحل بشار، واليوم وقد دمرت سوريا بالكامل ومزقت المعارضة، وقد تكون سوريا على ابواب مرض فتاك، خاصة مع الوعود الامريكية بان الحرب على الارهاب ستطول الى سنوات في سوريا والعراق.

 

أما إن كان يعتقد أن محور النظام السوري ـ إيران ـ "حزب الله" دخل حقبة الانتكاسة والهزيمة امام الثورة السورية.. وماذا يمكن أن يقدم الحزب من مبررات لجمهوره بعد المجازر التي ارتكبها في سوريا وكبدها للشعب اللبناني؟

فقد أجاب :

ـ كان يمكن للتدخل الإيراني والروسي في سوريا ان يفشل لولا الحرص الامريكي على لعبة التوازن بين النظام والمعارضة، واليوم لا يحتاج الشعب السوري الى دعم لكي يتخلص من النظام، يكفيه عدم وضع عراقيل أمامه واغلاق الابواب في وجهه وبات وجود بشار غير ضروري لاستمرار الحرب بسوريا وقد يستغنى عنه في اي لحظة، واما ما يمكن ان يقدمه "حزب الله" من مبررات للشعب اللبناني والسوري هو "لو كنت اعلم لما اقدمت على التدخل في سوريا".

 

 

أما في موضوع الشيعة وحزب الله ، وسؤاله : إلى أين اوصل الامين العام لـ "حزب الله" حسن نصر الله الشيعة في لبنان بعد خطاباته النارية الاخيرة وموقفه من الحوثيين وتهجمه على المملكة العربية السعودية؟

فقد أجاب :

ـ إن سياسات القيادة الرسمية لـ "حزب الله" في لبنان لا تعبر عن توجهات كوادره وقاعدته الشعبية، وإنما عن رغبات إيرانية فقط، فإن الحزب لم يكن يرغب أن يكون طرفاً في النزاع بسوريا، وكوادره وقواعده الشعبية وعموم الشيعة في لبنان غير متعاطفين مع النظام السوري، ولا أجانب الحقيقة اذا قلت انهم اقرب للمعارضة السورية منهم الى النظام، لكن المال والضرب على الوتر المذهبي والتخويف واستنفار الاعلام الفاجر، وعدم وجود اصوات اخرى مسموعة فرض امراً واقعاً وان كان حتى هذه اللحظة الجميع يكره الساعة التي زج بهم في هذه المعركة، ويسألون عن الخلاص، ويخافون من عواقب هذه الخطوة المجنونة، وفيما يتعلق بأحداث اليمن والمواقف الاخيرة وعاصفة الخطب، ليس لها تأثير كبير بين الناس لبعد الأحداث عنهم وانشغالهم بالنار التي تحيط بهم على امتداد الحدود مع السوريين.

 

 وعن غرق حسن نصر الله يوماً بعد يوم  في المستنقع الإيراني وينسف كل علاقاته مع الدول العربية.. وعن سبب كونه لا يحفظ خط الرجعة مع أحد..؟

أجاب الشيخ :

ـ هو جزء من الواقع السياسي الإيراني وليس شيئاً مستقلاً عنه، فد يغرق به او لا يغرق، وليس له علاقات خاصة مستقلة عن الواقع السياسي هذا، وعلاقاته مع الدول العربية وخطوط رجعته هي نفسها علاقات إيران وخطوط رجعتها.

 

أما عن رسالته إلى الشيعة بشكل عام وشيعة لبنان بشكل خاص؟

فقد قال :

ـ من الضروري التأكيد أن أمة المسلمين أمة واحدة، والمذهبيات دخيلة على فكرها ودينها، ومن الضروري والواجب اسقاط كل التسميات المذهبية واعتماد الاسم الذي اختاره الله -عز وجل-، خاصة مع استغلال هذه الاسماء لتحريض المسلمين على بعضهم واستخدامهم في حروب ضد الله ورسوله، وفي ظل توجه الأمم نحو ردم الفوارق بينها والتفتيش عما يجمعها، لا يجوز ان نغرق في المزيد والمزيد من التمزق المذهبي والقومي والقبلي والمناطقي، واقول للشيعة وغيرهم إذا أردنا ان نفتش عن مستقبل مشرق فيجب تمزيق كل الشرانق المذهبية وغيرها والعودة إلى صدر الإسلام الرحب.