.بعد سُباتٍ طويل , وغيابٍ كاد أن ينسينا النخوة العربية والشهامة العربية الاصيلة , وبعد ما عاثَ الاخرون الطامعون في النفوذ السياسي والامني , الفساد على أرض الطهر أرض الانبياء والمرسلين , وصلت الامور إلى طرق مسدودة حتى  طفح الكيل في اليمن السعيد , وبدأ النزال لأول مرة منذ نصف قرن ونيّف , نزالٌ ظاهره عربي وباطنه أجنبي , بل نزال بأيدٍ عربية وبمخطط أجنبي , هذا اقل ما يقال عن أمة نامت لعقود طويلة حتى مرّرَت من بين أقدامها مشاريع سياسية كثيرة الى أن لبّست لباس المذهبية وأدخلت البلاد العربية في نزاع مذهبي كاد أن يفتتها بل فتتها وانتهى , ولا ندري هل يعيد العطار ما أفسده الدهر , أم هل تعيد الصدمة الوعي لبعض من غاب عن الوعي بسبب شعوره بنشوة النصر لمرات ومرات , وما عاد يرى سيئاته وفساده .

مهما كانت خلفيات الاشياء , وبواطن الامور , آن للعرب أن يكونوا عربا , والشكر ليس لإيران فحسب التي أثارت في العرب الحمية , بل أيضا لأميركا التي ومن خلال وصولها الى نقطة الاتفاق النهائي مع إيران على كل الملفات العالقة بينهما من الملف النووي الى الملف السياسي الذي يشمل الدور الايراني في الشرق الاوسط  والمنطقة , هذا ما أثار عند العرب وغيرهم أسألة كثيرة تتعلق بمصير المنطقة بأكملها .

عودا على الملف اليمني الساخن , الذي يعتبر نقطة تحول جديدة في المنطقة وخاصة على طريقة ومنهج السياسات العربية , وثمة تأويلات كثيرة حول ما يحصل وحول ماذا بعد ؟ 

 رأي يقول إن الحرب التي بدأت في اليمن هي عبارة عن سيناريو أميركي لإخراج الاتفاق الايراني الاميركي النهائي بعد إنهاك السعودية وحلفائها بحرب لا نتائج لها وهذا يكون بالاتفاق بين أميركا وإيران , ويدل على صحة هذا الرأي سير المعارك ونتائجها , فإذا أنتهت المعركة الى المفاوضات وعدم إنهاء ما يسمى الحركة الحوثية يكون هذا الرأي هو الصحيح .

ورأيٌ آخر يقول إن الحرب اليمنية هي حرب أميركية إيرانية بسبب  الملف السياسي الذي لم يتم الاتفاق عليه بينهما بعد اتفاقهما على الملف النووي , وهذا يدل على تعنّت إيراني في الملف السياسي لأن الملف التقني الذي يشمل الملف النووي قد تمّ الاتفاق عليه , وتحاول إيران التعويض بالسياسي عن التقني .

وآخر يقول إن هذه الحرب هي من ضمن الاتفاق الاميركي السعودي لتأمين الاطمئنان للسعودية المنزعجة من الاتفاق الايراني الاميركي وبالتالي تكون أميركا بهذه الحرب قد أرضت السعودية وحلفاءها من جهة , وخلقت أجواء سياسية جديدة في المنطقة  تساعد على إخراج إتفاقها مع إيران إخراجا لا يزعج أحدا .