السؤال الذي تردّد على ألسنة الكثيرين، بعد ساعات على بدء طيران دول التحالف لدعم الشرعية في اليمن غاراته على مواقع القوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح وللحوثيين هو هل تسرعت دول التحالف وفي مقدمها المملكة العربية السعودية في اتخاذ القرار باللجوء للعمل العسكري لحماية شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي؟ ولوقف التمدد الإيراني في اليمن؟
إيران التي أصدرت موقفاً أدانت فيه اقدام السعودية وحلفائها على استخدام الطيران رأت «أن المملكة تسرعت واتخذت خطوة غير محسوبة النتائج..
ويرى فريق «التحالف» ومؤيدوه ان المملكة ودول مجلس التعاون (باستثناء عُمان) منحوا العمليات السياسية الوقت الكافي، ويستند هذا الفريق إلى الوقائع التالية:
- مع بدء عمليات القصف الجوي لدول التحالف كان قد مر على احتلال الحوثيين للعاصمة صنعاء ستة أشهر بالتمام والكمال (احتلال صنعاء من قبل الحوثيين في 21 أيلول الماضي).
- خلال الستة أشهر الماضية استولى الحوثيون بالتعاون والتواطؤ مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح على غالبية معسكرات الجيش اليمني، فقد تبين ان الموالين للرئيس صالح في الجيش هم الغالبية الساحقة من الضباط، ولكونه حكم اليمن 40 عاماً فقد كان قد عين هؤلاء الضباط من الموالين له، وبتعليمات منه سلّم هؤلاء الضباط معسكرات الجيش لميليشيا الحوثيين الذين استولوا على كامل محتوياتها من طائرات ودبابات وأسلحة وذخائر..
- وخلال الستة أشهر الماضية، أفشل صالح والحوثيون العملية السياسية، وعزلوا رئيس الجمهورية ووضعوه في الإقامة الجبرية، وكذلك عزلوا الحكومة، وتنكروا لنتائج الحوار الوطني، ولاتفاقية السلم والشراكة التي وقعت تحت ضغط سلاح الحوثيين بعد احتلالهم لصنعاء.
- عندما هرب الرئيس هادي من قبضتهم ولجأ إلى عدن عمل الحوثيون ووحدات الجيش الموالي لصالح للسيطرة على شمال ووسط اليمن وفي الأسابيع الأخيرة على جنوبه وكادوا منذ أيام أن يسيطروا على عدن..
- عقد الإيرانيون إتفاقية مع الحوثيين كسلطة «أمر واقع» (بعد إعلان الرئيس هادي من عدن سحب استقالته التي لم تقبل من مجلس النواب)، وأخذوا يوردون السلاح إلى الحوثيين، حيث كانت ترسو كل يوم سفينة في مياه الجديدة محملة بالأسلحة، ونظموا اسطولاً جوياً بين طهران وصنعاء حيث كانت تهبط كل يوم طائرتان ايرانيتان محملتان بالسلاح والرجال وكل وسائل الدعم.
خلال المرحلة الماضية لم يأبه الحوثيون بحركة الاعتراض الشعبية ضدهم، الممتدة من صنعاء في الشمال إلى عدن في الجنوب، بل لجأوا بالتعاون مع قطاعات الجيش الموالية لصالح إلى قمع هذه الحركة الشعبية التي تمثل أكثرية الشعب اليمني بكافة انتماءاته من زيديين وسنة.
السؤال هل جاء التحرّك العسكري في الوقت المناسب؟
يرى مصدر مراقب صحيح أن التحرّك العسكري جاء في الوقت المناسب وحال دون اعتقال الحوثيين وأنصار صالح للرئيس هادي أو قتله، لكنهم يرون في ذات الوقت أن التحرّك العسكري جاء متأخراً كثيراً، فخلال ستة أشهر تمكن الانقلابيون من «شل» سلطة الرئيس هادي والاطاحة بحكومته كما حصلوا من إيران على ما يرغبون من سلاح ودعم، ووصل الأمر بميليشيا الحوثي لتجري مناورات عسكرية على الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية وتستعرض فيها الأسلحة الثقيلة من صواريخ وغيرها، ويرى أنه لو حصل التحرك السياسي الضاغط منذ أشهر لما كانت الضربة العسكرية.
صحيح انه لا بديل لحل الأزمة اليمنية عن الحوار، ولكن قرار التدخل العسكري كان قراراً هاماً وضرورياً، واستراتيجياً، لحماية الأمن القومي العربي، المخترق بشدة في سوريا والعراق واليمن من قادة طهران، فالعمل العسكري الذي تتوالى مشاهده جاء لجبه التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية وليس للعدوان على إيران المستمرة بتصدير مشروعها إلى ساحات الوطن العربي.
ما نشاهده اليوم من عمل عسكري فتح المشهد اليمني علی جميع الاحتمالات - جاء بعد نفاد صبر المملكة، ومن تفشيل جميع المبادرات وفي مقدمها «المبادرة الخليجية» التي شكلت نافذة خلاص لليمن من الوقوع في أتون الحرب المدمرة.
كما سادت هواجس في الشارع اللبناني منذ بداية الأسبوع وتحديداً مع بدء الرئيس فؤاد السنيورة تلاوة شهادته امام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وذلك نظراً للموقع الهام الذي شغله الرئيس السنيورة لسنوات طويلة في فريق عمل الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فهو المقرب والمؤتمن وصاحب المهام الصعبة لدى الرئيس الشهيد، ولديه الكثير من الأسرار المحيطة بمسيرة الرئيس رفيق الحريري والرئيس السنيورة أعلن امام المحكمة ما لديه من معلومات هامة وبالغة الحساسية، مرتبطة بالمشهد السياسي والأمني خلال أكثر من عقدين من الحياة السياسية وتاريخ لبنان ارتبطت بشخص الرئيس الشهيد، وبالوصاية السورية، وبحزب الله، وبالظروف المحيطة بعملية اغتيال أهم رؤساء حكومات لبنان منذ الاستقلال.
فشهادة الرئيس السنيورة وما تضمنته من رؤية، وقرائن، ومعلومات خشي الكثيرون في الشارع اللبناني من ان تطيح تداعياتها بالحوار القائم بين تيّار المستقبل وحزب الله، ومن ثم جاءت تطورات الحدث الأمني - السياسي في اليمن، والذي بات بعد استمرار التدخل الإيراني، وفشل العملية السياسية متداخلاً بقوة بقضية الأمن القومي العربي، فازدادت الخشية في الشارع على الحوار المستمر بين حزب الله وتيار المستقبل نظراً للخلاف الحاد بين الفريقين حول مجريات الحدث اليمني الذي ما زالت تطوراته الأمنية مستمرة.
امام هاتين «العاصفتين» سارع الرئيس نبيه برّي راعي الحوار بين المستقبل وحزب الله إلى إبداء حرصه على استمرار الحوار، ومن ثم أعلن الرئيس سعد الحريري رغبته باستمرار الحوار بعد ساعات قليلة على بدء عمليات «عاصفة الحزم» التي ايدها بقوة، وأمس أعلن أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله تأييده لاستمرار الحوار مع المستقبل رغم رفضه وادانته لعمليات «عاصفة الحزم».
وهذا يعني ان الحوار بين المستقبل وحزب الله «صمد» امام عاصفتين كبيرتين إنطلاقاً من حرص القيادات على نأي لبنان عن الأحداث العربية، حفاظاً على الاستقرار، وبالتالي بعد إعلان هذه المواقف انخفض منسوب الهواجس على الحوار، وعلى الاستقرار في البلد.

    بقلم : حسن شلحه