تعتبر الألعاب الرياضية في جميع أنحاء العالم مساحة للترفيه والترويح عن النفس وهروبا في بعض الأحيان من ضغوطات الحياة ومشاكلها , وشكلت الألعاب الرياضة متنفسا لكثير من الشعوب في أزمنة الحروب والمشاكل السياسية والأمنية .
وأما في لبنان فلم تنفع الحوارات بين الأفرقاء السياسيين في تجنيب الملاعب تشنجات وعصبيات السياسة فغرقت الملاعب يوم أمس في أبشع صورة عن رياضة اللبنانيين وعلى الهواء مباشرة حيث شهد ملعب نادي الرياضي في المنارة مواجهة دامية بين لاعبي الفريق المذكور وفريق الحكمة بمشاركة جمهوري الفريقين وأدت هذه المواجهة الى سقوط عدد من الجرحى في صفوف الفريقين الرياضيين , ويأتي ذلك بعد أيام من حصول مواجهة مشابهة في إحدى الصالات الرياضية وقبل هاتين الحادثتين حصلت مواجهات عدة في ملاعب كرة القدم تقرر على إثرها منع الجمهور من حضور بعض المباريات  .
إن وصول اللبنانيين إلى هذا الحد من التخاصم والتناحر لأسباب سياسية وطائفية يستدعي التوقف عنده مطولا والبحث عن أسبابه ومبرراته وهي بالتأكيد ليست بعيدة عن الاحتقان السياسي والطائفي والمذهبي السائد في البلاد .
وإن تحول الملاعب الرياضية في لبنان إلى حلبة مصارعات سياسية وحزبية وطائفية يشكل خطرا كبيرا على المجتمع اللبناني بأكمله ويفقد الالعاب الرياضية في لبنان هدفها وخاصيتها التي كانت مكانا للتسلية والترفيه والهروب من الواقع السيء الذي يعيشه اللبناني بشكل عام .
يوم أمس وإثر هذه الحادثة جاءت المعالجات بعيدة كل البعد عن المشكلة الاساسية والأسباب الرئيسية فقرر اتحاد كرة السلة اعتبار نادي الحكمة خاسرا في المباراة بسبب انسحابه وقرر وزير الشباب والرياضة منع الجمهور من دخول الملاعب حتى انتهاء دوري كرة السلة في حين أن المشكلة هي في السياسيين أنفسهم الذين التهموا بزعاماتهم وسياساتهم ملاعب اللبنانيين التي باتت خاضعة بشكل أو بآخر لرغبات السياسيين وأهواءهم , ولذلك فإن ما يجب معالجته هو تحييد الرياضة في لبنان عن سطوة السياسية وتجنيب الرياضة في لبنان دسائس السياسيين وأطماعهم السياسية والطائفية والمذهبية .
ولذلك فإن على كل المؤسسات الرسمية والمدنية المعنية بالشأن الرياضي أن تقوم بدورها بالمحافظة على استقلالية الرياضة في لبنان لتبقى الألعاب الرياضية مكانا آمنا لكل مواطن لبناني يريد الإبتعاد عن مشاكله السياسية والاجتماعية وهي كثيرة .

كاظم عكر