تناول موقع "شفاف" الإيراني، المقرّب من دوائر الحرس الثوري في إيران، في تقرير مطوّل الصراع السعودي ـ الإيراني في المنطقة، وناقش طبيعة المواجهة المحتملة بين السعودية وإيران في ظل تمدد نفوذ الأخيرة المتصاعد، واستلام العاهل الجديد سلمان بن عبد العزيز آل سعود الحكم في البلاد. 

وقال الموقع في التقرير الذي اطلعت عليه "عربي21" إن "إيران والسعودية وتركيا، اليوم، دول تمثل أكبر قوة إقليمية تتحكم في مفاصل الشرق الأوسط، وإن أيديولوجيا هذه الدول متفاوتة مع بعضها، وفي الكثير من الأحيان تواجه تعارضا كبيرا وصداما فيما بينها في المنطقة"، على حد وصفه. 
 
وعلّق "شفاف" حول العلاقات والصراع الدائر بين السعودية وإيران، قائلا: "في النظر حول طبيعة موقف السديريين المتشدد في نظام الحكم السعودي تجاه إيران، ومجيء الملك سلمان، سوف نشاهد تصعيدا جديدا بين السعودية وإيران في المنطقة، حيث تتصاعد وتيرة الخلافات بين البلدين في ضوء التحولات السياسية في كل من سوريا والعراق ولبنان واليمن". 

ووصف المرحلة القادمة للعلاقات بين البلدين بالساخنة، التي ستشهد تشنجات على أكثر من صعيد بحسب التقرير الإيراني.

وأوضح "شفاف" الإيراني أن تاريخ الصراع السعودي ـ الإيراني والعلاقات بين البلدين يؤكد فرضية المواجهة بين الرياض وطهران في الفترة المقبلة. 

وأضاف أنه في ظل حكم العاهل الجديد للسعودية، تشجعت دوائر الإعلام ومراكز الدراسات على قراءة الوضع الإقليمي المتأزم في المنطقة من جديد، ودور البلدين (السعودية وإيران) في رسم المعادلات الإقليمية الجديدة. 

وعدّ الموقع أن الأزمة السورية تمثل أكبر قضية معقدة ومطروحة بين البلدين، بسبب النزاع الإيراني ـ السعودي في سوريا. 

وتابع التقرير بأن الأحداث في سوريا شجعت النظام السعودي على التدخل لدعم المعارضة المسلحة، "لإضعاف إيران وحلفائها في سوريا". 

وقال الموقع في تقريره إن "المجاميع الدولية تؤكد تورط السعودية بدعم الإرهاب في المنطقة، وخصوصا دعم السلفيين في سوريا". 

وأضاف أن "التيار السديري كان ينتقد سياسات الملك عبد الله الناعمة تجاه الأوضاع في سوريا، ولكن بعد مجيء الملك سلمان المقرّب من التيارات الوهابية في السعودية، والتغييرات التي طرأت هناك، كل ذلك يؤكد وجود عداء قديم لدى الملك سلمان تجاه إيران، وأن هذا العداء التاريخي سوف يظهر جليا في سوريا، بتزايد الدعم السعودي للتيارات السلفية والتكفيرية هناك". 

تعيين بن نايف جاء لتحجيم نفوذ إيران

وحول تعيين محمد بن نايف وليا لولي العهد، قال "شفاف" الإيراني إنه "من المعروف أن بن نايف لديه علاقات واسعة مع الجماعات الإسلامية في المنطقة، بسبب المناصب الأمنية التي تقلّدها في السعودية، وهذه المعرفة والارتباط مع هذه الجماعات سوف تزيد حدة الخشونة في تعامل الرياض مع طهران، بسبب دعم بن نايف للجماعات الإسلامية المناهضة لإيران في المنطقة، وخصوصا في سوريا، وسوف ترفع السعودية سقف مطالبها، ولم تقتنع فقط بإسقاط بشار الأسد، بل تسعى لتحجيم النفود الإيراني".  

ويرى التقرير أن عهد الملك سلمان "سوف يشهد صعودا متزايدا للتيار السلفي لمواجهة الشيعة وإيران، ومن أهم الأماكن التي من الأرجح أن تتحرك صوبها السعودية اليمن وسوريا والعراق ولبنان، حيث إن لدى إيران تواجدا وانتشارا في هذه البلدان العربية".  

صراع النفوذ بين البلدين

وأشار تقرير الموقع إلى أن البلدين منذ عهد النظام الملكي الشاهنشاهي الإيراني، كان بينهما صراع على النفوذ في منطقة الخليج، ولكن بسبب تحالف النظامين مع الولايات المتحدة الأمريكية، ووجود العدو المشترك حينها، أي الاتحاد السوفيتي، فرض ذلك عليهما التفاهم الذي دعمته أمريكا لمواجهة الشيوعية في المنطقة.  

وتابع الموقع: "بعد انتصار الثورة الإيرانية في أواخر الثمانينيات، ومجيء الإمام الخميني، وبداية محاولة تصدير الثورة الإيرانية إلى الدول الإسلامية، تخوّفت السعودية ذات النظام الملكي المحافظ من أي تغيير سوف يحل في المنطقة، حيث إن ذلك سينعكس عليها داخليا، ما دفعها للبدء بدعم الرئيس العراقي حينها صدام حسين عسكريا وماليا، لمواجهة امتداد الثورة الإيرانية في المنطقة"، وفق الموقع. 

واتهم تقرير "شفاف" السعودية بدعم "الجماعات التكفيرية والإرهابية لتحريف مسار الصحوة الإسلامية في المنطقة"، على حد وصفها. 

وقال إن "الحجاز كانت مهيّأة لقبول الخطاب الإسلامي الذي تبنته الثورة الإسلامية الإيرانية لنصرة المظلومين، ومواجهة الطغاة في المنطقة، ولكن سعت السعودية لإجهاض هذه الصحوة من خلال دعم محور التكفير والإرهاب لتشويه أي حراك وخطاب إسلامي جديد يدخل على المنطقة". 

وأضاف التقرير أنه بعد نجاح حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، كانت هناك بعض الآمال لرفع الخلافات العالقة بين البلدين، ولكن بعد وفاة الملك عبد الله ومجيء الملك سلمان وسيطرة الحوثيين حلفاء طهران على اليمن "الحديقة الخلفية للسعودية"، دفنت كافة خيارات المصالحة بين البلدين، وفق الموقع.