نعلم جميعاَ أن مدينة حاصبيا ومنطقتها تشتهر بغناها بالزيتون وزيته المميّز بجودته ومذاقه، لكن ما لم يعرفه كثر أن منطقة حاصبيا غنية جدا بمناجم الحمّر. وما بحثنا اليوم إلاّ محاولة بسيطة للتعريف على هذه الثروة في المنطقة الجنوبية والمدفونة تحت الأرض حتى إشعار آخر.
 ما هو الحمّر؟ 
الحمّر أو البترول المتجمد كما تقول المراجع العلمية يتكون تحت الأرض على عمق يتراوح بين ستين متراً وكيلومترين اثنين، يتكون من بقايا بترولية خسرت على مر الزمن بعض مكوناتها فتحولت من مادة لزجة إلى مادة صلبة سوداء داكنة...ويتواجد الحمّر في باطن الأرض على شكل طبقات وعروق تتجه من الشرق إلى الغرب وبسماكة بين نصف متر وأكثر من مترين ويتم الوصول إليه عبر فتحات تصل إلى عمق حوالى مئة متر وتتم تهوئتها بواسطة فتحات تًربط بينها وبين سطح الأرض بطرق هندسية مدروسة توفر الأمان بحيث الخطأ في هكذا عمل كبقية المناجم مكلف وخطر . 
 استعمال الحمّر 
يدخل الحمّر في الكثير من الصناعات الثقيلة الخفيفة ومنها صناعة الدهانات والصباغ الممتاز الذي يستعمل طلي البواخر كما ويستعمل كمادة عازلة ويدخل في صناعة الأدوية ومبيدات الحشرات الزراعية.
وبحسب المعلومات المتداولة بين كبار السن، فإن بداية التعرّف الى الحمّر في منطقة حاصبيا تعود الى ايام الحكم العثماني، وذلك في مجرى ماء شتوي يبدأ من مرتفعات(جبل الظهر) ويصب في مجرى الحاصباني وعلى امتداد هذا المجرى كانوا يجدون حجارة سوداء ذات لون لميّع فيذهب أولئك المواطنون إلى جمعها وغسلها ثم يعمدون إلى بيعها كي يسدوا بثمنها (ضريبة الأعشار) التي كانت تفرض عليهم من قبل الأتراك. إذاً باختصار الحمّر المستخرج هو قطع تشبه بالشكل الحجارة الصغيرة ذات لون أسود لا مع ويُعرف بالفرنسية باسم butum
وتعتبر منطقة حاصبيا الأولى في الشرق الأوسط بإنتاج الحمّر وقالت تقارير لخبراء أجانب كانوا قد اشرفوا على أعمال التنقيب والاستخراج أن حمّر الحاصباني هو من أفضل الأنواع المعروفة بالعالم وأعلاها جودة ولذلك أقدمت على شرائه الشركات الأوروبية الكبرى وكانت تستورد ما نسبته 95 بالمائة من الإنتاج.
 وكيفية الاستخراج: 
بداية الاستخراج كانت تتم بالطرق البدائية، أي المعول والرفش والأزميل وبهذه الطريقة كانت الكميات المستخرجة قليلة...لكن بعد مدة قصيرة عُدلت طرق التنقيب وطٌورت فأعطت زخما جديدا للعمل حيث استخدمت الحفارات في حفر الانفاق إلى جانب المصاعد الكهربائية والعربات الحديدية التي تمشي على سكك خاصة بها لنقل الحمّر من باطن الأرض إلى الخارج. علما أن فترة العمل كانت تتم في فترة ما بين ستة وسبعة اشهر في السنة وكان يتم التوقف عن العمل خلال أيام الشتاء .
وبحسب نتائج المختبرات وتحليلات دولية ثبت أن حمّر الحاصباني يحتوي على 97 بالمائة من الحمّر الصافي وهي أعلى نسبة عالمية. ويذكر انه كانت الأتربة المستخرجة عن الحمّر مهملة في البداية لكن بعدما جاءت بعثة خبراء أجانب وأخذت عينات منها إلى مختبرات متخصصة، تبين أنها تحوي على مواد كيماوية اذا تمت معالجتها تتحول الى أسمدة كيماوية. 
وفي ذات السياق أكدت عدة دراسات أن كمية الحمّر الموجودة في منطقة لحاصباني هي أكثر من 8 مليون طن على عمق بسيط لا يتجاوز المائة متر وهذا يعني أن استخراجها غير مكلف.
لكن تجدر الاشارة الى ان المنشآت كافة العائدة لإستخراج الحمّر دمرت خلال الأحداث لتي مرّت على منطقة حاصبيا بسبب الغارات والقصف الإسرائيلي.
يبقى السؤال: إلى متى ستبقى هذه الثروة الاقتصادية مدفونة تحت الأرض؟؟؟ 
فإحياء عملية الاستخراج يوفر مردودا اقتصاديا كبير لخزينة الدولة فضلاً عن توفيره عدد لا يستهان به من فرص العمل.