خاطب الرئيس الأميركي باراك أوباما قمة واشنطن لمكافحة التطرف، أمس، مشدداً على أهمية التعددية ورفض تهميش المسلمين والسعي إلى انفتاح المجتمعات كسبيل لمكافحة تنامي التشدد. وجاءت كلمته بعد اجتماعات ماراثونية للقمة ركزت على دمج جهود القطاع الخاص والمجتمع المدني مع الحكومات المشاركة في محاربة التطرف.

ولاحظت «أسوشيتد برس» أن جمع الأميركيين لهذا المؤتمر الذي تشارك فيه 60 دولة بهدف التصدي للتشدد يأتي في وقت يزداد الوضع سوءاً، إذ يشهد تنظيم «الدولة الإسلامية - داعش» توسعاً في مناطق انتشاره، ويلمس الأوروبيون «لمس اليد» أن الإرهاب لم يعد يقتصر على الشرق الأوسط بل صار يضرب في وسط مدنهم، في إشارة إلى هجمات قام بها متعاطفون مع «القاعدة» أو «داعش» في باريس وكوبنهاغن.

وجاءت كلمة أوباما الأولى أمام القمة ليلة أمس لترسخ مبدأ «القوة الناعمة» في محاربة التطرف وتأكيد ما قاله نائبه جوزيف بايدن «اننا في حاجة إلى أجوبة تتخطى المستوى العسكري، إننا في حاجة إلى أجوبة تتخطى القوة». وفسّر أوباما ذلك بأن «جهود مكافحة التطرف ستنجح فقط حين يتمكن المواطنون من التعاطي مع مآسيهم المشروعة عبر عملية ديموقراطية تتيح التعبير عن نفسهم من خلال المجتمع المدني».

وقال أوباما في مقال في صحيفة «لوس أنجليس تايمز» قبل الخطاب إن «القاعدة وداعش ينشرون الكذب بأن الولايات المتحدة هي في حرب مع الإسلام ... أميركا تنجح بسبب ترحيبها بأناس من جميع المعتقدات والخلفيات ...وتصر بأن ما من أحد يجب استهدافه بسبب معتقده أو شكله أو هويته». واعتبر أوباما أن المؤتمر والمشاركة الواسعة فيه من دول اسلامية وأوروبية وعربية يبرهنان على أنه «على عكس الإرهابيين الذين يقدمون فقط التعاسة والموت، فإن مجتمعاتنا الحرة والمتعددة هي السبيل للعدالة والكرامة». واعتبر أن المعركة هي معركة كسب عقول وقلوب المهمشين اليوم والذين ربما يرون في التطرف ملاذاً لهم.

وأقر اوباما في مقالته بأن عدداً من الأميركيين المسلمين يشعرون بالخوف بعد مقتل ثلاثة طلاب مسلمين قبل اسبوع في شابل هيل جنوب شرقي الولايات المتحدة. وأضاف وفق ما أوردت «فرانس برس»: «لا نعلم بعد سبب قتل الطلاب الثلاثة في شابل هيل. لكننا نعلم أن العديد من الأميركيين المسلمين في بلادنا قلقون ويشعرون بالخوف».

وأثارت هذه الجريمة صدمة في الولايات المتحدة والعالم وحضر آلاف الأشخاص الخميس جنازة الطلاب الثلاثة. ولم تحدد الشرطة بعد ما اذا قتل الضحايا بسبب ديانتهم او بسبب خلاف بين جيران. وسلم القاتل كريغ ستيفن هيكس (46 سنة) نفسه للشرطة بعد ارتكاب جريمته.

وفي السياق ذاته، قال بايدن: «علينا أن نتواصل مع مجتمعاتنا وأن نتواصل مع اولئك الذين ربما يكونون عرضة للسقوط في فخ التطرف بسبب تهميشهم».

وفي جلسة الأربعاء، قال وزير الأمن الداخلي الأميركي جيه جونسون: «في فترة وجيزة جداً شهدنا تطوراً كبيراً في قدرة المنظمات الإرهابية على التواصل (في مجال استخدام وسائط الاتصالات)». وتابع: «لديهم القدرة على الوصول الى مجتمعاتنا ومحاولة تجنيد وإلهام أشخاص ربما يميلون الى العنف هنا على أرضنا».

وتختم القمة أعمالها اليوم في اجتماعات وزارية في الخارجية الأميركية وخطاب ثان من أوباما ووزير خارجيته جون كيري ومستشارته للأمن القومي سوزان رايس. والخميس سيشارك في الاجتماع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ووزيرا الداخلية الفرنسي برنار كازنوف والبريطانية تيريزا ماي ووزيرا خارجية الأردن واليابان ناصر الجودة وياسوهيدي ناكاياما وأياد مدني الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي.