مع كل الدعوات التي انطلقت لاعتماد سياسة النأي بالنفس إلا أنها بقيت قاصرة عن حماية البلد من لهيب النار السورية والتي تأججت على الحدود الشرقية بعدما اتخذت تلك الجماعات الإرهابية (تنظيم داعش وجبهة النصرة ومتفرقاتهما )من المغاور والكهوف المنتشرة على امتداد سفوح سلسلة جبال لبنان الشرقية اوكارا لها ومستودعات لاسلحتها المتنوعة وذخائرها ومراكزا للانطلاق بغارات وهجومات على القرى اللبنانية الحدودية المنتشرة على امتداد الحدود اللبنانية السورية وعلى مراكز ومواقع الجيش اللبناني.
فالاصوات التي انطلقت من متفرقات 14 آذار ومعها الأصوات الخجولة التي انطلقت من بعض الوزراء في الحكومة السلامية وقبلها النداءات من قبل بعض الأقطاب في ظل الحكومة الميقاتية والتي كانت ولا تزال تدعو إلى تجنيب لبنان تداعيات الأزمات الإقليمية إلا أنها لم تستطع أن ترتقي إلى مستوى اتخاذ قرار يحول دون تمادي حزب الله في انخراطه في الحرب السورية إلى جانب النظام حيث خاض حر ولا شرسة ضد الجهات المناوئة له ابتداءا من الحركات الشعبية التي انطلقت بداية رافعة شعار إصلاح النظام ثم طورت تحركها وشعاراتها إلى المطالبة باسقاطه بعدما جوبهت بالقمع والقتل والاعتقال من قبل الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة لهذا النظام وبالتالي انتقلت من التحرك السلمي إلى ثورة عسكرية مسلحة خاضت معارك على مختلف الأراضي السورية وكادت أن تطيح بالنظام لولا تدخل حزب الله وبطلب إيراني الذي خاض حروبا شرسة وواسعة وحقق انتصارات ملحوظة تمكن خلالها من إنقاذ النظام بعدما كاد أن يخسر آخر قلاعه وارسى معادلة لمصلحته.

الأمر الذي أدى إلى تداعي أفراد وجماعات متشددة أغلبها من مخلفات تنظيم القاعدة جاءت من مختلف دول العالم إلى سوريا بغريزة الغيره المذهبية وادعاء نصرة إخوان لهم من الطائفة السنية ضد النظام العلوي وحليفه حزب الله الشيعي. إلا أن بعض هذه الجماعات تجاوزت حدود المهمة الموكولة إليها ارتبطت باجندات إقليمية وخاضت حروبها بأفكار إرهابية تكفيرية متخذة من بعض المناطق والقرى والدساكر السورية موطيء قدم لها لبسط سيطرتها وإعلان دويلاتها.

وتطورت الأحداث بشكل دراماتيكي إذ انه وأمام الانتصارات الساحقة التي حققها حزب الله على الأراضي السورية ضد مناوئي النظام وتحت ضغط البراميل المتفجرة والمدفعية المكثفة ألتي استخدمتها قوات النظام حاولت هذه الجماعات الإرهابية نقل جزء من المعركة إلى الداخل اللبناني مخترقا السيادة اللبنانية الأمر الذي اوقعها في مطب المواجهة المباشرة مع الجيش اللبناني الذي يحظى بدعم إقليمي ودولي وتأييد داخلي واسع مما دفع الأمور باتجاه التنسيق القسري والغير معلن بين الجيش اللبناني ووحدات من الجيش السوري ولو بالحد الأدنى وعلى مستوى تبادل المعلومات الأمنية مما يحفظ للنظام السوري بعضا من الشرعية لا زال متشبثا بها وهو ما سعى إليه حزب الله ونجح باستنفار الجيش اللبناني للدفاع عن حدود وأمن البلد من اعتداءات الإرهابيين تماما كما نجح النظام السوري بتحويل الأنظار لمسار حربه ضد الشعب إلى حرب ضد الجماعات الارهابية. وبذلك استطاع حزب الله من تطوير قواعد الاشتباك باستدراج الجيش اللبناني لخوض معارك إلى جانب الجيش السوري ضد الإرهاب............