كانت في طريقها إلى المنزل الذي ستسكنه بعد زواجها حين اعترضتها سيّارة يقودها شاب في الثامنة عشرة من عمره بسرعة كبيرة وعكس السير، كانت تريد اختيار بلاط الحمّام والانتهاء من تجهيزات منزلها قبل أن يسرقها الموت من أحبابها وأهلها، صارعت الألم لأكثر من خمس ساعات لكن الموت كان أقوى، فسرق جسد نانسي زيادة ابنة الخامسة والعشرين ربيعًا.

كانت الضربة التي تلقتها مميتة، في صدرها، فتكسّرت ريش القفص الصدري وغرزت في قلبها قاطعة شريانه الأساسي، حاولوا تلحيم الشرايين نازعين الضلوع منها، لكن النزيف بقي قويًا ولم تنجُ نانسي، ابنة جورة البلوط الكسروانيّة، وحيدة أبيها رؤوف، وحبيبة آدم وهيبه. رحلت نانسي تاركة والدها مكسورًا، وجدّتها مفجوعة، وحبيبها متألمًا، وأصدقاءها في مجلّة المسيرة مصدومين.

كان حبيبها آدم يستعدّ لطلب يدها يوم السبت المقبل، بعد أيّام قليلة، لكن الموت سبقه، السرعة الزائدة على الطرقات والقيادة العشوائيّة سرقت منه حبيبته وأخذت قطعة من روحه، يقول لـ"النهار" بحرقة والبكاء يقطّع كلامه: "عاشت نانسي طوال حياتها من أجل والدها الذي ربّاها بمفرده منذ كانت في سن الثانية بعد طلاقه من والدتها، كانت تحبّه كثيرًا ومتعلّقة به، لطالما أوصتني بأن لا أتركه، كانت تحبّ الناس وتهتمّ بالآخرين أكثر مما تعتني بنفسها. كانت في طريقها إلى المنزل لنختار بلاط الحمّام، يا ليتها لم تخرج في ذلك اليوم، طلعت لعندي وضلت طالعة. كنت أنتظر يوم السبت لأطلب يدها وأفرح قلبها، جلبت المحابس، وأخبرت والدها وحضّرت مفاجأة لها، سأطلب يدها غدًا في دفنها عساها تفرح ولو قليلًا".

تعرّف آدم إلى نانسي في الأوّل من نيسان في العام 2013، تعرّف إليها في سهرة، كان تحت تأثير الكحول بسبب علاقة فاشلة خاضها، فوجد نانسي في وجهه، يتابع: "تعرّفت إليها في سهرة، كنت سكرانًا، ولمّا عدت إلى وعي وجدت نانسي معي، عشنا معًا سنة و8 أشهر و16 يومًا، عشت أجمل كذبة في حياتي، تعرّفنا في الأوّل من نيسان، إنها كذبة هذا الشهر، ولكنها كذبة قاسية وتقيلة".

طوال هذه الفترة كان آدم لا يترك فرصة إلّا ويعبّر لنانسي عن حبّه، كان ينتظر اليوم الذي سترتدي فيه الأبيض، ليحملها ويركض بها، كان على موعد مع ذلك النهار الذي يستفيق به ويراها بالقرب منه في السرير نفسه، كان يحلم بأولادهما: "كنّا حائرين، أنتزوّج في كنيسة سيّدة القلعة أم في كنيسة مار يوحنا. ماذا أقول لهذا الإنسان الذي صدمها، لقد كانت تسير على خطّ اليمين، أين نقود سيّاراتنا لنتفادى أولئك الأشخاص، أنقودها على الرصيف؟ سرعته الزائدة لم توصله إلى المكان الذي يقصده، سرعته الزائدة قتلت نانسي. لن أقول لها شيئًا فهي تعرف ما في قلبي، إنها ملاكي الحارس، ولن أتكل إلّا عليها. لقد توقفت حياتي".

لم يصدق أقاربها وأصدقاؤها خبر وفاتها حتى الساعة، لم يصدقوا أن صاحبة أطيب قلب رحلت، يقول قريبها كارلوس قرقماز لـ"النهار": "كان لدينا مشاريع كثيرة معًا، كنت تشارك كلّ أربعاء في صلاة مسبحة الورديّة في حريصا، كانت ملتزمة، كانت طفلة وملاكًا على الأرض، حنونة، وتحبّ والدها وجدّتها، ولا تقوم بأي فعل دون رضاهما، كانت بريئة".

أمّا صديقة الطفولة كريستال مراد فتقول لـ"النهار": "كانت صاحبة أصيب قلب، حنونة، تحبّ الناس وشعبيّة، ومتعلّقة بأبيها الذي ربّاها بعد انفصاله ، لا أستطيع تصديق خبر وفاتها حتى الساعة".

فيفيان عقيقي النهار