أثبت "حزب الله" امس صحة كلام امينه العام السيد حسن نصرالله في شأن عدم معارضته التفاوض مع الخاطفين على الاسرى العسكريين تحت مقولة "نحن شعب لا نترك اسرانا في السجون"، عبر اعلانه تحرير احد عناصره المدعو عماد لبنان عياد مقابل إطلاق عنصرين من "المسلحين" بحسب بيانه الرسمي، وذلك بعد نحو شهر ونصف شهر على اسره من موقع "الفوزديكا" في عسال الورد بين أيدي "الجيش السوري الحر" محرجا الحزب بذلك الحكومة التي لم تستطع ان تحرر ايا من المخطوفين العسكريين لدى "جبهة النصرة" و"الدولة الاسلامية" بعد نحو 4 اشهر من معارك عرسال.

 

عائلة عياد لم تنم في الخيم على ارصفة الشوارع وسط موجات الصقيع من اجل الافراج عن ابنها، ولم تقطع الطرق بالاطارات المشتعلة، ولم يهدد ابنها بالذبح، بل سارعت الى اعتباره شهيدا من اليوم الاول، وحافظ "حزب الله" على صمته طوال فترة الاسر وعلى سرية المفاوضات التي يجريها، على رغم شعور جهات عدة بأنه يفاوض.

 

اكدت مصادر سورية لـ"النهار" ان الاسيرين من "الجيش الحر"، خصوصا ان عياد كان في قبضة "تجمع القلمون الغربي" التابع لـ"الجيش الحر" ويقوده العقيد عبدالله الرفاعي الذي اوقف منذ مدة برفقة لبناني خلال محاولتهما الخروج من عرسال في اتجاه الجرود واعلن قبل ايام قرار القضاء اخلاء سبيله وتسليمه الى الامن العام، مما يطرح اسئلة عدة: هل هناك علاقة بين خروج الرفاعي واطلاق عياد؟ وماذا عن اللبناني من آل الحجيري الذي كان مكلفا بالتفاوض لإطلاق عياد واوقف مع الرفاعي؟ وهل اقتصر الامر على اطلاق عنصرين فقط في مقابل هذا "الكنز الثمين" بالنسبة الى المعارضة، خصوصا ان "الجيش الحر" كان طالب بفتح ممرات آمنة بين عرسال والجرود كبادرة حسن نية تجاه التفاوض؟!

 

العرقلة لدى الخاطفين

آخر المعطيات في شأن المفاوضات على "ابناء الدولة" بحسب مصدر نيابي مطلع على الملف، ان الحكومة ابلغت الموفد القطري بموافقتها على مبدأ المقايضة بحسب البند الثالث الذي طرحته "النصرة" ويقضي بالافراج عن 5 سجناء في لبنان و50 سجينة من سجون النظام السوري في مقابل كل عسكري، وهو يعتبر ان منطق رفض المقايضة يجب الا يكون واردا بعدما طبقها "حزب الله". واشار الى ان الحكومة تنتظر من الخاطفين لوائح باسماء الموقوفين المفترض مبادلتهم، خصوصا السجينات في سوريا، لافتا الى حصول اتصالات مع النظام بطريقة ما في شأن الملف، واكد ان "لا عرقلة من الحكومة تجاه الملف والموفد القطري لم يحصل حتى اليوم على اجابة جدية من النصرة و"داعش" بشأن لوائح الأسماء"، في حين كشف شقيق احد المخطوفين لدى "داعش" ان التنظيم يطالب في المقايضة 5 موقوفين فقط في مقابل كل عسكري.

 

"هيئة العلماء": خبر رائع

وعلى رغم خروجها عن مسار الملف، تلقت "هيئة العلماء المسلمين" خبر تحرير اسير "حزب الله" بالترحيب، ووصفه عضو الهيئة الشيخ عدنان امامة بـ"الممتاز والرائع"، متمنيا ان يسير النهج نفسه في موضوع العسكريين، وبرر تمكن الحزب من تحرير اسيره خلافا لإخفاق الدولة اللبنانية بان "حزب الله" يديره رأس واحد يعمل لمصلحة عناصره، فيما لحكومتنا رؤوس عدة لا تتفق على تحرير العسكريين، وإذا كان الطرف المعرقل لعملية اطلاق العسكريين هو الحزب كما يقال فبات في امكاننا القول انه مثلما يصح للحزب ان يفاوض ويبادل بالاسرى يصح للدولة ان تفعل الامر نفسه".

 

وبرر اطلاق اسيرين فقط في مقابل عياد، في حين تطالب "النصرة" بخمسة بالقول: "في سياق التحليل، هناك معارك متواصلة بين "النصرة" وبين الحزب، وتعتبر تاليا انها تستطيع اسر آخرين، اما الجيش اللبناني فان النصرة والدولة الاسلامية اعترفتا بانهما ارتكبتا خطأ بالاشتباك معه وبالتالي ليست هناك فرصة اخرى لتحرير الموقوفين الاسلاميين الا بهذه الصفقة".

 

أهالي المخطوفين: "مسخرة"

تلقى اهالي المخطوفين العسكريين الخبر كالصاعقة بألم وحسرة، وقال نظام مغيط شقيق الجندي المخطوف لدى "داعش" ابرهيم مغيط: "تلقينا الخبر بأسف ولوعة وحسرة وغضب على الدولة المقصرة، وعلى الوزراء والحكومة المشلولة وغدا سيكون لنا يوم غضب"، واضاف: "للأسف ما عنا دولة"، متسائلا: "طالما ليس هناك معرقل في ملف المفاوضات كما يقول رئيس الحكومة، فلماذا اخرج "حزب الله" اسيره خلال اسابيع ونحن منذ 4 اشهر في الشوارع واولادنا في الجرود حالتهم تبكي الحجر".

 

ونقل مغيط لـ"النهار" آخر ما لديه من معلومات: "المفاوضات جامدة وليست متوقفة نهائيا، وهناك تبادل مطالب ووثائق بعدما تم التوافق على البند الثالث الذي يعني 5 موقوفين من لبنان و50 امرأة من سوريا في مقابل كل عسكري، فيما الدولة الاسلامية تطالب بخمسة موقوفين فقط في مقابل كل عسكري...

 

الخبر كان "صدمة" بالنسبة الى حسين يوسف والد المخطوف الجندي محمد. قال: "تأثرنا كثيرا، لان المخطوفين ابناء الدولة والمؤسسة العسكرية. للأسف "حزب الله" اخرج اسيره فيما دولتنا تتجاذب بعضها مع بعض ولم تستطع تحرير احد... شو هالمسخرة؟". وفي شأن اتهامات سابقة لـ"حزب الله" بعرقلة الملف، شدد على ان "الاهالي يعتبرون انه ما دام حزب الله يقصف المنطقة التي يحتجز فيها العسكريون فانه يشكل خطورة على حياة ابنائهم ويعرقل الافراج عنهم".

 

(محمد نمر)