العوامل التي تجمع ايران بالولايات المتحدة الاميركية اكثر من العوامل التي تفرقهما , والمصالح المتداخلة بينهما اكبر بكثير من ان يهددها الملف النووي الايراني , والمفاوضات الجارية حول هذا الملف بين الدول الغربية الخمسة زائد واحد بقيادة اميركية من جهة وايران من جهة ثانية لن تصل باي حال الى طريق مسدود واذا لم يتم الاتفاق على هذا الملف فانه من المحظور الاعلان عن الفشل , وبالحد الادنى يتم تاجيله الى وقت اخر يتم الاتفاق عليه ربما تتوافر ظروف افضل لانجاح هذه المفاوضات , فليس من مصلحة الطرفين الاميركي والايراني الاعلان عن الفشل . والاتهامات الكلامية المتبادلة التي تاتي غالبا على السن مسؤولين كبار من الدولتين ليست اكثر من بروباغندا اعلامية لحفظ ماء الوجه لكليهما امام الحلفاء والاصدقاء والتوابع لهما ومراعاة للتاريخ الطويل المثقل بالعداء منذ انتصار الثورة الاسلامية واعلان الجمهورية في ايران والتي رفعت شعار /اميركا الشيطان الاكبر والموت لاميركا / الذي قابله اتهام اميركي للجمهورية الفتية الخروج على الشرعية الدولية وقيادتها لمحور الشر في المنطقة والعالم . والاختلاف الاميركي الايراني ليس على الملف النووي حصرا وانما الاختلاف هو على الدور الايراني في المنطقة في ظل تراجع الدور العربي والانقسامات العربية التي ادت الى غياب العرب باجمعهم وخصوصا الدول الرائدة عن مسرح الاحداث الدولية وعجزهم عن اتخاذ قرارفي اي من الملفات التي لها علاقة بالمشاكل والازمات العربية الخاصة او تلك المرتبطة بمنطقة الشرق الاوسط , الامر الذي ادى الى بروز الاطماع / الايرانية ـ الاسرائيلية ـ التركية / لتتقاسم النفوذ في هذه المنطقة حيث يدور نزاع خفي بين هذه الدول على طبيعة دور كل دولة في مستقبل المنطقة مع ابقاء هذا النزاع محكوما بالسقف الاميركي وبرعاية سيد البيت الابيض الذي يتولى تحديد الدور وترسيم الحدود وحجم المساحة لكل دولة في صياغة القرارات المصيرية للشرق الاوسط الجديد التي ترسي الادارات الاميركية المتعاقبة قواعده وشكله وموازين القوى فيه ,وهذا يفترض امتلاك اوراق قوة ويفرض على ايران ان تتمسك بالاوراق التي انتزعتها على مدار عقود ثلاثة ابتداءا من ورقة حزب الله في لبنان وصولا الى ورقة الحوثيين في اليمن مرورا بنظام المالكي في العراق ونظام الاسد في سوريا وجزء من حركة الشيعة في البحرين . وهذا الاجتياح الايراني لهذه العواصم العربية لا يزعج الولايات المتحدة بل يتم على مرأى ومسمع الاميركيين وفي كثير من الاحيان بمباركة من بعض الادارات الاميركية وحتى بتنسيق بين الادارتين الايرانية والاميركية حتى تتكامل قواعد اللعبة بالحجم الذي يناسب حجم القوة الايرانية وحجم الجمهورية الاسلامية . والتنسيق الاميركي الايراني الذي يصل الى مرحلة التعاون بينهما حول العديد من الملفات ليس بالضرورة يصل الى مستوى التحالف الاستراتيجي بينهما بل ربما ان نجاح هذا التنسيق والتعاون يفترض هذا النوع من المماحكات والبروباغندات الاعلامية .