في كانون الثاني 2011 ، صدر أمر عمليات، أعطي "حزب الله" بموجبه امر التنفیذ العملي لإسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري وإقصائه عن الحكم، فكانت استقالة وزراء الحزب وحلفائه والوزير الملك عدنان السید حسین. وسقطت الحكومة، فيما كان رئيسها يجتاز عتبة البيت الابيض في واشنطن.   واذ تبنى السيد حسن نصر الله إسقاطها، وقال في إطلالة إعلامية إنّه الردّ الأوّلي على صدور القرار الاتهامي، وأنّه سيأتي بحكومة تأخذ على عاتقها حماية المقاومة من الاعتداء الذي افترض أنه يأتي من المحكمة الدولية، بدأت مرحلة جديدة مع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وأخرج الحريري، لا من الحكومة فقط، بل ايضا من البلاد. وأرسى الحزب معادلة سیاسیة في داخل مجلس النواب، وفي خارجه، لتألیف حكومة تخلو من اي تمثیل لخصومه. وتوالت التعليقات من فريق الثامن من آذار على تراجع "تيار المستقبل" في كل المناطق، ونشوء قوى اخرى بديلة اخذت مكانته. لكن التركيبة اللبنانية الطائفية المذهبية، وايضا السياسية المرتبطة بزعامات محلية ومناطقية، وظروف المنطقة المحيطة، تجعل من خطط الالغاء محاولات فاشلة، بل ان الاسوأ منها هو محاولة استيلاد زعامات بديلة تواجه الفشل المحتوم، كما فعلت قوى الثامن من اذار عندما عملت على ابتداع بدائل للحريري فوجدت نفسها امام مارد اصولي راحت تجاهد لوضع حد له، او كما فعلت قوى 14 آذار بتجميع شيعة معارضين للحزب وبناء آمال عليهم لم تجد طريقها الى الواقع يوما. ودعوة الامين العام لـ"حزب الله" الاخيرة الى الحوار مع "تيار المستقبل" تسجل تراجعا عن الدعوة الى اقصائه، واعترافا بتمثيله الاوسع للسنة في لبنان. وهو ما يؤيده باستمرار الرئيس نبيه بري، المدرك اكثر من غيره ان لا مجال للاقصاء. وكان العماد ميشال عون سبق نصرالله الى الحوار مع الحريري، وحط رحاله في باريس للقياه، أملا في دعمه لبلوغ قصر بعبدا، وهو اكثر من اعتراف بزعامة الرجل وبتمثيله وبقوة تأثيره في مجمل الحياة السياسية اللبنانية. ثم برزت الحاجة الى الحريري، بل تأثيره الواسع، في محطات امنية مفصلية، منها حوادث عبرا عندما وفّر الغطاء للجيش لاقتحام مربّع المسجد وتعقب الشيخ احمد الاسير، وايضا في عرسال عندما اتصل بقائد الجيش واضعا امكاناته وتياره في خدمة المؤسسة لمنع الارهابيين من احتلال البلدة، وايضا خلال تنفيذ الخطة الامنية في طرابلس، والتي وفّر فيها الحريري غطاء أدى الى تسليم قادة المحاور الى الاجهزة الامنية واقتيادهم الى سجن رومية. واخيرا برز في تقديم المملكة العربية السعودية مبلغ مليار دولار للمؤسسات الامنية ينفق عبر الحريري شخصيا. هذا الرصيد الذي راكمه الحريري يبرز حاجته اللبنانية، وبالتالي فإن الحوار معه على اسس جدية، امر ضروري، لانه، على رغم غيابه، ظلّ موجوداً، بل عاد بقوة.