تصاعد ملف العسكريين المخطوفين لدى الجماعات المسلحة خاصة بعد تلقي الأهالي اتصالا من تنظيم "داعش" ، تبلغوا خلاله أن الخاطفين سيقدمون على ذبح 7 عسكريين بعد ساعتين في حال لم يتم إبطال الأحكام التي صدرت يوم الجمعة الفائت بحق خمسة من الموقوفين في سجن رومية، ليتصاعد تحرك الاهالي بشكل عفوي في وسط العاصمة بيروت بقطع طرق الصيفي بأجسادهم.

رغم قلة عدد الأهالي والذي لا يسمح بقطع كافة الطرق في وسط بيروت اقدم عناصر الامن الداخلي على تسهيل امر الأهالي ومساعدتهم على قطع بعض الطرق وتحمل اي تصرف من قبلهم بأتجاه بعض ركاب السيارات الذين اعترضوا على قطع الطريق شارحين للأهالي بأن لديهم اشغال قد تأخروا عليها ولا ذنب لهم بالخطف، ليكون جواب الأهالي" انتو عندكن شغل ونحنا عنا سكاكين على رقاب ولادنا اذا ما تحركنا بيرجعوا جثث... تحملونا".

استفزاز الاهالي
هذه الصرخة تفهمها قسم كبير من المواطنين وعادوا ادراجهم لسلك طرقات اخرى، بينما من اصر على سلوك الطرق المقفلة كانت القوى الأمنية له بالمرصاد طالبةً عبر عناصرها بضبط النفس وعدم ابتزاز اهالي العسكريين، ما عدا شخص اصر على مواصلة الابتزاز والصراخ في وجههم، فما كان من القوى الامنية الا ان القت القبض عليه لتطاوله على الاهالي وشتم العناصر الأمنية.
الساعات التي سبقت اعلان الوزير ابو فاعور بأن "الجهة الخاطفة أجلت التهديدات لثلاثة ايام بعد تدخل وسطاء" مرت سنيين على الاهالي، ما دفعهم للتصرف بطريقة لا ارادية واقفال اي طريق على امل ان ترفع السكين على رقاب اولادهم، بينما انهارت بعض زوجات وامهات المخطوفين لدى سؤال اي وسيلة اعلامية عن ابنائهم.
"الحكي مش متل الشوفة" بهذه العبارة تصف والدة المخطوف محمد يوسف لدى زيارة ابنها في جرود عرسال، شارحةً بأنها تلقت اتصالاً من الخاطفين طلبت منها ملابس لأبنها فهو كما باقي العسكريين ما زالوا على نفس اللباس منذ لحظة خطفهم ولم يستحموا منذ ثلاثة شهور.
ابني وما عرفتو
تشرح والدة يوسف لحظات انتقالها من جرود عرسال برفقة ابن محمد الصغير وزوجته واتجهتا إلى جرود عرسال حيث كان الموعد عند التاسعة والنصف صباحاً، للقاء ولدها وكيفية التنقل عبر ثلاثة سيارات رباعية الدفع نقلتهم الى مغارة بالكاد استطاعت رؤية ولدها، لتتفاجئ بالحالة التي وصل اليها ابنها، فللوهلة الأولى لم تعرفه " ابني من لحمي ودمي وما عرفتو" تكمل الام المصدومة لحظات اللقاء حيث تصف ابنها بأنه اصبح بالمظهر الخارجي يشبه الدوعاش لحية كثيفة وشعر طويل، حالة يرثى لها، فيما ثيابه لم يتبقى منها شيء من فهو لم يغرها منذ ثلاثة شهور، تتابع حديثها بصعوبها بالغة بالكاد يسمع صوتها، فالدموع لم تفارقها طيلة وصف حالة ابنها، خاصة بعد معرفتها بأن العسكريين جزء منهم يقوم بحفر مغارة والقسم الأخر يقوم برمي الاتربة خارجاً. يكمل خال الجندي الثمان دقائق التي سمح لهم بلقاء ابنهم ما حصل داخل المغارة، فالأم لم تستوعب شكل ابنها ما افقدها وعيها للتحول الثمان دقائق الى بكاء وغمرات بين العائلة.

حالات صعبة
يكمل بعض الاهالي الحالة التي وصل اليها العسكريين والمعاملة القاسية التي يتلقونها من قبل الخاطفين شارحين بأن لدى احضار اي عسكري للقاء عائلتهم يخبرونهم بأنهم ذاهبون للذبح لأن الحكومة تماطل في المفاوضات وغير مهتمة، ليتحول الذبح الى لقاء الاهل، شارحين حالة الخوف لدى العسكرين بأن يقوم الخاطفون بذبحه امام عائلته، ما يفسر بعض التصرفات من قبل الجنود وحالة فقدان التركيز لديهم.
اغلاق الطرقات استدعى نزول بعض النواب لتهدأت اعصاب الأهالي فالنائب هادي حبيش كان الأكثر تجاوباً مع الاهالي فيما اعصاب بعض النواب الاخرين لم تتحمل غضب الأهالي فقرر مغادرة الساحة وترك المهمة لحبيش الذي شرح للأهالي ما وصلت اليه المفاوضات بعيداً عن الأعلام طالباً بمزيد من الصبر، ليتلقى الجواب سريعاً "صرنا 3 اشهر عم نسمع نفس الحكي ولادكن مش على رقابون سكاكين لتطلبوا منا نروق" ليقاطع الأهالي حبيش بسؤاله عن توقيت الحكم الذي صدر بحق المتهمين في سجن رومية ولماذا في وقت تجري فيه المفاوضات، معتبرين بأنهم مسجنون منذ سنين لما هكذا قرر يعرقل المفاوضات، ووجه احد الأهالي اللوم للنواب معتبرين لو ان الدولة جدية بقضية المفاوضات لقامت باخلاء سبيل البعض المنتهية فترة محكومتهم لا تقوم بأصدار احكام اعدام بحق البعض ليكون جواب النواب بأنه تم تخفيف الحكم من اعدام الى مؤبد.

مزيد من التصعيد
حالات الغضب لدى الأهالي دفعهم لقطع المزيد من الطرقات حيث تشرح زوجة المخطوف علي بزال بأن القضية وصلت الى طريق مسدود فالدولة غير مهتمة بجنودها فكيف بالناس العاديين، مطالبة الشعب اللبناني بالتضامن مع قضيتهم وتحمل اي تصرف فهي حسب تعبيره غير معجبة بقطع الطرقات ولكن حياة الجنود اهم من طريق مقفل او عمل معطل، وتضيف الزوجة بأن غداً سيتم تصعيد التحركات ما لم يستجاب للمطالب وسيصار الى قطع المزيد من الطرقات وبتحركات عفوية وقد تصل الأمور الى مسائل لا يرغبون بالقيام بها.."من يدري كيف ستنتهي الأمور نحنا نقوم بأقسى ما لدينا نحنا لا نملك وسيلة اخرى"اليوم قطعنا طريق الصيفي والمرفأ وغداً سنقطع أي طريق تضغط على الدولة" تنهي الزوجة حديثها.
التضامن المطلوب من قبل الشعب اللبناني مع اهالي العسكريين لبته فقط سيدتان من منطقة الأشرفية والدكوانة، واللتان قطعتا طريق الصيفي مع الأهالي، واصفتان الشعب اللبناني بأنه فقد حس الانسانية وبات "جل همه نفسه"، فلا ينظر الى دموع الأهالي سوى في نشرات الأخبار، معتبرتان لو ان 10 بالمئة من الشعب قرر المساندة لقام بتشكيل ورقة ضغط قوية على الحكومة في تسريع المفاوضات ورفع الظلم الحاصل، فالتضامن هو اقل الأيمان مع شباب من المؤسسة العسكرية.
غضب الأهالي اخمده بعض الشيء الوزير وائل ابو فاعور بعد تأكيده بأن الدولة جادة بالمفاوضات وبأنه تم اقناع الخاطفين عبر وسيط بتأجيل تنفيذ تهدديهم ومحاولة حل قضية المتهمين في سجن رومية، وبأن القضاة عند إصدارهم الأحكام لا يكونوا على إطلاع على سير المفاوضات ليعاد فتح الطرقات من قبل الأهالي، وتمديد الموت السريري للأهالي لثلاثة ايام اضافية.

علي عواضة