كل هذا الذعر يجتاح الإدارة الاميركية، لمجرد ان موقع "ذي اتلانتيك" الإخباري نقل عن مسؤول اميركي طلب عدم ذكر اسمه، وصفه نتنياهو بالجبان و"ان الأمر الوحيد الجيد فيه هو خوفه من شنّ الحروب"! غريب ان تنهال حمّى التوضيحات والتصريحات من البيت الأبيض ووزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي، بما يدفعني الى القول إن نتنياهو ليس جباناً قياساً بمستوى الجبن الفظيع في الادارة الاميركية، المتهافتة على استرضاء قاتل لمجرد اتهام سخيف لا يتناسب مع جرائمه! غريب ان يعتبر هذا المسؤول نتنياهو جيداً لأنه يخاف شنّ الحروب، وهو السيئ والبغيض الذي دمر غزة على رؤوس اهلها في حربين، إضافة الى عدوانه المفتوح على لبنان. غريب ايضاً ان الادارة الاميركية التي تتهافت على استرضاء نتنياهو، لم تتوقف لحظة امام قول هذا المسؤول المجهول ان الأمر السيئ هو "ان نتنياهو لن يقوم بأي شيء للتوصل الى تسوية مع الفلسطينيين او الدول العربية، فهو مهتم بحماية نفسه من الهزيمة السياسية"! الفضيحة انه في حين تحار واشنطن كيف تسترضي نتنياهو لا يتوانى هو في اصدار أمر ببناء ١٠٦٠ وحدة استيطانية في القدس الشرقية، بما يعني انه يعمّق القبر الذي يواري التسوية السلمية ويدفن كل المساعي التي بذلتها الديبلوماسية الاميركية منذ ربع قرن لحل أزمة القرن وإنهاء النزاع. وفي حين تحار واشنطن كيف تلحس ذلك التصريح السخيف عن نتنياهو الجبان، يمضي هو في دفع الفلسطينيين الى الجدار إنْ عبر اعتداءاته على المسجد الاقصى والتوسع في الاستيطان، وهو ما دفع السلطة الفلسطينية الى التحذير من انفجار كبير، وخصوصاً بعدما تأكد للمرة المليون ان اسرائيل تتعمد إفشال التسوية السلمية وتمضي في مخططها لإسقاط نظرية الدولتين، التي طالما تشدق اوباما بأنه يعمل لإقرارها! ما يثبت ان الجبن كامن في الادارة الاميركية لا عند نتنياهو، هي الإهانات التي وجهها وزير الدفاع الاسرائيلي موشي يعالون الى وزير الخارجية الاميركي جون كيري، لمجرد انه انتقد سياسة الاستيطان المتوحشة التي تهدد بإفشال العملية السلمية من الاساس، ولم يتوانَ نتنياهو في الرد على كيري بالقول "ان مصالحنا العليا وعلى رأسها الأمن ووحدة القدس ليست في اولويات الذين يهاجمونني شخصياً لأنني اقوم بحماية اسرائيل"! كان هذا الكلام بمثابة تقبيح لتصريحات كيري، لكن ليس اسوأ من نتنياهو إلا السياسة الاميركية المنحازة الى اسرائيل ولو على حساب سمعة اميركا وكرامتها، ولعل اكبر دليل على ذلك الإعلان عن صفقة لتزويد سلاح الجو الاسرائيلي سرباً جديداً من المقاتلات الاميركية المستقبلية من طراز "ف - ٣٥" التي لم تحصل دول حلف شمال الاطلسي عليها بعد!