حجبت معركة طرابلس الاستحقاقات الاخرى الداهمة في طليعتها انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد فراغ قصر بعبدا من رئيس منذ 160 يوم، ولا يزال العارفون في بواطن الأمور وفي هذا الملف بالتحديد يعترفون ان البت بهذا الاستحقاق لا يزال بعيداً، وربما توتسم بوادر حل بدءاً من منتصف كانون الاول المقبل، اذا سارت المفاوضات الاميركية - الإيرانية حول الملف النووي وفقا لما هو متوقع منها وتم التفاهم بين واشنطن وطهران على اتفاق مبدئي بينهما قد يؤدي ربما الى حل عقدة الرئاسة اللبنانية الاولى، من دون ان يكون هناك شيئا مضمونا الى الان، وفقا لما ورد من معلومات ديبلوماسية تصل الى بيروت متعددة المصادر من واشنطن وجنيف وطهران. اما المبادرات التي طرحها اكثر من حزب او تيار او كتلة نيابية للتوصل الى انجاز هذا الاستحقاق، فسقطت الواحدة تلو الاخرى في انتظار مبادرة النائب سامي الجميل المستمرة.   ولعل ما يعزز تلك المعلومات هو انه مهما تعرضت البلاد الى خضات أمنية او الى تدفق المزيد من اللاجئين السوريين، الى درجة ان بعض رؤساء الوفود الدولية والمنظمات الانسانية طرحوا أسئلة على الفريق الديبلوماسي اللبناني لم يكن يتوقعها مثل لماذا قررت حكومتكم وقف استقبال اللاجئين السوريين؟ لماذا لا يعطي الامن العام إجازات سفر لهم الى الخارج؟ لماذا تداهم القوى الأمنية بعض نقاط تجمع للاجئين وتعاملهم بقساوة؟ لم يصدق رئيس الفريق الديبلوماسي اللبناني تلك الأسئلة التي طرحت عليه وكأن لبنان لم يمارس سياسة الحدود المفتوحة مع التدفق اليومي لسيل اللاجئين وان نسبة 18 في المئة منهم تعيش في مراكز تجمع والباقون منتشرون بحرية في أنحاء البلاد. الا ان ردة فعل رئيس الوفد المفاوض كانت قوية ومقنعة ومستندة الى ان لبنان لم يوقع على اتفاق جنيف للاجئين عام 1951.   إزاء العجز السياسي القيادي على انتخاب رئيس للجمهورية لتنتظم اعمال باقي المؤسسات من مجلس نواب الى الحكومة، فان التركيز الديبلوماسي الغربي والعربي هو متابعة ما يقوم الجيش اللبناني من استئصال لخلايا الارهابية من أنحاء محددة في الشمال بعد ان نظّف باب التبانة من الإرهابيين بإقدام وبراعة ليست من اختصاص الجيش في زواريب وأزقة حيث دفع ثلة من الشهداء والجرحى وانتصر على الارهاب ولا يزال يتابع معركته مع الذين قاتلوه وهربوا ويتعقبهم لإلقاء القبض عليهم وسوقهم الى العدالة لمحاكمتهم.   ويعبّر سفير دولة كبرى عن إعجابه لأداء الجيش في معركة طرابلس ضد إرهابيين وتغلب عليهم وحث حكومة بلاده على الإسراع في ارسال السلاح الى الجيش بعد تأخر أشهر على تلقيه.   وافادت تقارير اخرى ان ملحقين عسكريين لسفارات دول كبرى زاروا طرابلس واطلعوا على ساحة المعركة وسألوا عن تفاصيل الخطة القتالية التي استعملت مع الأخذ في الاعتبار السكان وتجنب قدر الإمكان التخفيف من الأضرار في الممتلكات والمؤسسات، وأرسلوا تقارير وافية الى وزارات الدفاع في بلادهم.   وتشيد قيادات سياسية بتمكن الجيش من تعطيل معركة كان يعد لها في صيدا ضد الجيش مع إرهابيين في مخيم عين الحلوة في الجنوب. المهم ان الاجهزة العسكرية تمكنت من توقيف عدد من الإرهابيين مع أنصار من جماعة أحمد الأسير.    و يتبين من التداول الديبلوماسي الأجنبي والعربي في بيروت، ان ثمة ارتياحا لما يقوم به الجيش في مكافحة الارهاب أينما أطل رأسه في اي بقعة من بقع لبنان. المهم انه يجب تقوية مؤسسة الجيش ومدها بالسلاح لانها الضامنة الحقيقية والوحيدة للبلاد في الحفاظ على أمنها ووحدتها وبرهنت الى الان انها قادرة الى التصدي لأي ارهاب يطل من عرسال او عبرا او طرابلس او من اي قرية لبنانية في اي محافظة. ويرى سفير دولة اوروبية بارزة ان امام الجيش مهمات عدة للتصدي لها وفقا لميزان الربح والخسارة لتنظيمي "داعش "و"النصرة" سواء في سوريا أم في العراق.