رفض البرلمان الإيراني إعطاء الثقة لمرشح الرئيس روحاني لوزارة التعليم العالي، متجها نحو التصعيد في الصراع مع الرئيس وحكومته. 

وهكذا بعد مضي 15 شهرا على ولاية روحاني، يفتقد وزارة التعليم العالي للوزير. ففي البداية كان روحاني يقصد ترشيح جعفر توفيقي وزير التعليم العالي السابق في عهد الرئيس خاتمي، ولكن قيل بأن المرشد ألأعلى لن يرضى به وزيراً، فانصرف روحاني ورشح جعفر ميلي منفرد ولكن البرلمان لم يعطه الثقة. ثم قدم روحاني برضا فرجي دانا الذي حصل على ثقة البرلمان ولكنه بعد أقل من عام، استدعي إلى البرلمان، وسحب النواب ثقتهم به، وفي الأربعاء الماضي -الأمس- رشح الرئيس، عضوا سابق في سلاح الجو للحرس الثوري وأستاذ جامعة طهران، نيلي أحمد آبادي، وفوجي الكثيرون يرفض البرلمان إعطاء الثقة به، بسبب توقيعه على رسالة احتجاجية وُجهت إلى المراجع الدينيين، جراء قمع الحتجين على نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2009، طالب الموقعون منهم التدخل لمنع السلطات من قمع المتظاهرين والإفراج عن المعتقلين في السجون.

هذا الإتهام هو نفس الإتهام الذي تم توجيهه إلى المرشحين الأول والثاني لوزارة التعليم العالي. ويُطر أن 88 أستاذا بجامعة طهران وقعوا على تلك الرسالة التي اعتبرت أن قمع المحتجين العزَل ليس دليلا على قوة النظام.

وبعد مضي أكثر من خمسة أعوام على الانتحابات الرئاسية عام 2009، يبدو أن المجتمع والنظام السياسي في إيران لم يخلصا بعد من تبعات وتداعيات تلك الانتخابات مثيرة للجدل، ولم وربما لن يتمكن النظام من إقناع شعبه بنزاهة النتائج في تلك الانتخابات، وإلحاح المحافظين على تسمية الاحتجاجات تلك، بالفتنة أو محاولة إسقاط النظام، لا يقنع أغلبية الشعب وبل حتى الكثيرين من رفاقهم السابقين انضموا إلى الإصلاحيين، بعد الانتخابات العام 2009 وشرعوا بانتقاد النظام، والدفاع عن حقوق الشعب والحرية والديمقراطية.

وكان لافتا أن المرشح الأخير لوزارة التعليم العالي، كان من المقاتلين الشعبيين أيام الحرب العراقية الإيرانية لمدة 7 سنوات من أصل حرب 8 أعوام! قبل الانصراف إلى الدراسة، خارج البلاد. 

ثم تولى مسؤولية مهمة في الحرس الثوري وأخيرا التحق بالسلك التعليمي العالي. وهذا مؤشر واضح على أن الاستياء والسخط الشعبين لن ينحصر على شريحة دون شريحة من المجتمع.

لم يعد التطلع إلى الحرية والديمقراطية حكرا على فئة خاصة من المثقفين، بل اصبح مطلبا عاما يشترك فيه جميع فئات المجتمع ولهذا يبدو أن محاولة المحافظين من أجل منع أصحاب الفتنة -أي المحتجين على الانتخابات عام 2009 - عن الوصول إلى أي منصب وزاري، محاولة يائسة، لأنها تستلزم استثناء الأكثر، واستثناء الأكثر، ليس فعل العاقلين، إلا أن المحافظين، لا يكترثون بقواعد العقل خاصة في المجال السياسي.