أسئلة كثيرة تطرح بعد العملية في المناطق الشمالية، في طرابلس، بحنين والمنية، وفرار غالبية المسلحين وخصوصاً "القادة " المطلوبين من السلطات ولاسيّما الشيخ حبلص وشادي المولوي وأسامة منصور. بسحر ساحر اختفوا، ورغم كل التعزيزات التي استقدمها الجيش وعمليات الدهم التي يجريها في المنطقة، يبقى اللغز في اختفائهم مثيراً تساؤلات كبيرة في شأن مكان وجودهم. في هذه الاثناء، يستمر الجيش في تمشيط اماكن محتملة لوجودهم، كما ان طائرات استطلاع تابعة للجيش تكاد لا تفارق سماء مناطق شمالية، بالاضافة الى التأهب وتسيير الدوريات على مدار النهار، في موازاة قرار حاسم لدى قيادة الجيش حرصت على التعبير عنه أمام الرأي العام مؤكدة ان الجيش لم يكن جزءاً من أي تسوية وان حربه على الارهابيين مستمرة بلا هوادة. هذا الحسم في الموقف الذي يخاطب الرأي العام ترافق مع دخول الجيش عرين المسلحين في التبانة وبسط سلطة الدولة وتأكيده على ان هذه المساحة قد طهرت تماماً ولن تعود بأحيائها وجوامعها مركزاً لارهابهم وعبثهم بأمن الدولة والمواطنين.

 

في رأي العميد المتقاعد وهبي قاطيشا ان "قوة هؤلاء المسلحين الذين هربوا بعد يومين من المعارك مع الجيش، اضمحلت بسبب عدم تمكنهم من الظهور مجدداً في الأماكن العامة كالجوامع لتعبئة الناس ضد السلطة، لانهم باتوا اليوم مطلوبين من الدولة اللبنانية". ويقول قاطيشا لـ"النهار" ان هؤلاء لن يبقوا بالقوة عينها التي ظهروا عليها، فمن المؤكد انهم سينتقلون الى العمل سراً مثلما فعل الشيخ أحمد الاسير". ويعتبر انه بات صعباً على هؤلاء المسلحين العمل على تعبئة المواطنين ضد الدولة والجيش اللبناني.
هناك معلومات تشير الى ان المسلحين هربوا نحو الجرود، وهو الامر الذي يرجحه العميد قاطيشا مشيراً الى انه "في المرحلة الاولى من الممكن انهم انتقلوا الى الجرود تمهيداً للانتقال لاحقاً الى مكان آخر، الى بيئة قد تكون حاصنة لافكارهم، في سوريا مثلاً سواء مع جبهة النصرة او في محيط يحتضنهم".

 

ويستبعد قاطيشا ان يكون المسلحون قد تواروا عن النظر لتحضير عمل ارهابي في المستقبل، عازياً السبب الى ان "لا بيئة لهكذا أعمال في لبنان".
ويعتقد قاطيشا ان ظهور المسلحين بشكل فردي ممكن، اما  ظهورهم بشكل جماعي فمستحيل، ذلك ان بعد ما جرى يصعب تصوّر انهم سيحصلون على حاضنة جغرافية". ويرفض اتهام الجيش بالقبول بتسويات لافتاً الى ان "قوة الجيش في معنوياته ومن هنا ضرورة الوقوف الى جانب المؤسسة العسكرية".

"

من المناسب ذكره ان طبيعة القتال تتمثل بين طرفين، الاول هو الجيش اللبناني الذي يعتبر جيشاً منظماً تقليدياً يخضع لدولة ويحترم القوانين، يحترم حقوق الانسان، اما الطرف الثاني فيضم اشخاصاً يعتمدون مبدأ حرب العصابات ويختبئون كما يمتنعون عن خوض حرب تقليدية مباشرة ومواجهة الطرف الآخر لانهم يعرفون مسبقا انهم سيخسرون"، وفق ما يقول العميد الياس حنا لـ "النهار".
 

وفي رأيه انه يسهل "اخفاء اي شخص في منطقة باب التبانة، والمطلوب لكي يتم القاء القبض على هؤلاء المسلحين تعزيز العمل الاستخباري، في موازاة عملية انمائية في المنطقة، تساهم في اجتثاث هذه الظواهر من الجذور".
 

ويعتبر ان "اختفاء المسلحين قد يكون خطوة لاعادة تنظيم مجموعاتهم ليعودوا اقوى من قبل"، مؤكداً انه "في استطاعة الجيش اعادة ضربهم مثلما فعل هذه المرة"، مشدداً على "ضرورة تأمين المناخ السياسي المناسب للحرب ضد الارهاب".