في تقدير بعض المحللين الخبراء بالحركات الاسلامية والسلفية، ان "جبهة النصرة" قد تكون منيت بضربة قاسية جراء الحوادث الجارية في طرابلس، اما بفعل مدبر لها من تنظيم "داعش" او بفعل سوء حسابات ارتكبته.

 

ذلك ان ثمة الكثير من الالتباس احاط بواقع "النصرة" منذ سدد اليها طيران التحالف الدولي في ضربته الاولى في سوريا غارة مفاجئة، ومن ثم حيد مواقعها عن الغارات لاحقا. واثير كلام كثير عن التمايز بين "النصرة" و"داعش" حتى في أوساط لبنانية ظلت حتى فترة قريبة تدرجها في عداد المعارضة السورية وان ايديولوجيتها ليست عابرة للحدود، ولو ان عدوها الاساسي هو النظام السوري و"حزب الله" لتدخله في الحرب السورية وخوضه معارك طاحنة معها في القلمون.

 

يلاحظ هؤلاء ان "النصرة" زجت بنفسها او زج بها في معركة طرابلس وقت كان تنظيم "داعش" يقوم للمرة الاولى برفع علامة حضوره من خلال خلية عاصون، ومن ثم خلية خالد حبلص وانكشف الامر عن محدودية كبيرة لهذا التنظيم في الشمال السنّي الذي اسقط حلم "داعش"، فاستعان بـ"النصرة" التي لو لم تتدخل في العمليات المناهضة للجيش ولو لم تطلق مسلسل التهديدات بقتل العسكريين المخطوفين لديها لكانت احتفظت بصورة تمايزها عن "داعش".

 

ومع التصميم الذي لن يكون حياد عنه لدى الجيش لاجتثاث الخلايا المتطرفة في الشمال محاطا بدعم ساحق من أهالي المنطقة والفاعليات السياسية والحزبية والأهلية خصوصا بعد سقوط 11 شهيدا عسكريا حتى الان، فإن ملامح النتائج الاولية لهذه المعركة تشير الى ارتدادها بعواقب وخيمة على "النصرة" اكثر من "داعش"، لان كل المعطيات الجادة كانت تشير أساسا الى ان "داعش" لا تحظى بأي ارضية مهمة يعتد بها باستثناء خلايا محدودة صارت الان في الطور الاخير من التعقب والمطاردة على يد الجيش اسوة بخلايا "النصرة".

 

ومع تساوي "النصرة" و"داعش" في ما اعتبراه حرب لبنان المشتركة في وثيقة وزعها التنظيمان عشية المعركة الناشبة في طرابلس والمنية، ستكون الخسارة الأكبر من نصيب "النصرة" خصوصا بعدما فشلت كل الأساليب التي يتبعها التنظيمان سواء عبر الحرب الاعلامية الدعائية المباشرة او عبر اتكائهما على حرب الفتاوى التي لم تجد نفعاً في تأليب فئات لبنانية ضد الجيش وبدت أشبه بوسيلة فقدت كل مفاعيلها، بعدما اخطأ التنظيمان الخطأ القاتل في وضع الشماليين والطرابلسيين خصوصا امام الخيار الحاسم بين الدولة وجيشها او نموذج "داعش".