عندما تتحدث واشنطن عن "الخيار الكردي" كبديل من تركيا في التحالف الدولي لمحاربة "داعش"، هل كثير ان تستيقظ الاحلام الكردية المزمنة بالحصول على دولة؟ وعندما تجتمع الخارجية الاميركية مع وفد من حزب "الاتحاد الديموقراطي الكردي"، الذي يقاتل في كوباني، هل من الغريب عقد اجتماعات كردية رفيعة المستوى قبل ايام في دهوك في العراق، تبحث في انعكاس التطورات الاخيرة على المسألة الكردية وفي وضع الأسس لقيام مرجعية كردية؟ صحيفة "التايمس" لم تكشف شيئاً جديداً عندما قالت ان الاكراد السوريين يبحثون مع رفاقهم في العراق في إقامة منطقة كردية تتمتع بحكم ذاتي في شمال سوريا، فالمعروف ان الرئيس بشار الاسد هو الذي وضع حجر الأساس، اذا صح التعبير، لهذه المنطقة، عندما سحب قواته من المناطق الكردية عام ٢٠١٢ مراهناً على امرين: - اولاً ان يضع الأكراد في مواجهة "الجيش السوري الحر" والمعارضة، ولم يكن هناك يومها لا "داعش" ولا "النصرة"، وكان رهانه ان يضعف الجميع ليربح في النهاية! - ثانياً في حال انهيار الأوضاع ووصوله الى مرحلة لا يستطيع فيها استعادة السيطرة، من الافضل ان تذهب سوريا الى التقسيم على يد غيره ليحصل على دولته العلوية، وليس لهذا افضل من الاكراد الذين يطالبون منذ زمن بعيد بالحصول على دولة! من ديرك ومعبدة الى تل ابيض وعفرين مروراً بكوباني والجزيرة، تمتد المناطق الكردية الثلاث التي تطلب الآن نوعاً من الحكم الذاتي كان موضع المحادثات في دهوك، ولم تتوان قيادات كردية في القول انها تعمل للتوحّد في كيان سياسي بهدف تأسيس دولة جديدة! "حزب الوحدة الديموقراطي" في سوريا يقول ان إعلان تأسيس كيان رسمي ستعقبه انتخابات برلمانية محلية وتشكيل قوات للدفاع، وسيطلق عليه اسم "روجافا" أي غرب كردستان، بما يعني تضمين التسمية رغبة اكيدة في الارتباط بالدولة الكردية، التي يمكن ان تضم اكراد العراق وسوريا وتواجَه بقلق عميق في تركيا وايران. وليس سراً ان الاكراد الذين يبلغ عددهم ٢٥ مليوناً هم اكبر جماعة عرقية لا دولة لها وهم موزّعون في الدول المشار اليها، والتي ترفض الاعتراف بحقهم في الحصول على دولة مستقلة. عندما يبارك مصطفى بارزاني وجلال طالباني في العراق طموحات الاكراد في سوريا، فهذا يؤسس لروابط عابرة للحدود الراهنة في الاقليم، اذا قيّض فعلاً اقامة حكم ذاتي كردي في سوريا على غرار الحكم القائم في شمال العراق... وليس مبالغة الافتراض ان قيام منطقة للحكم الذاتي الكردي في سوريا سيفتح البوابة امام قيام الدولة العلوية، فمن المؤكّد انه ليس في وسع الأسد البقاء إلا في سوريا مقسّمة!