احترقت طبخة الحوار السعودي _ الايراني وعاد التوتر بين البلدين، يترجم اثاره في شكل سريع في المنطقة، وسط توقعات بالمزيد من التدهور في العلاقات بين الطرفين، ما يؤشر إلى المزيد من التعقيدات على صعيد الملفات الساخنة المنطقة، خصوصاً في قضية تمدد الحوثيين في اليمن او العقد السياسية في لبنان أو في مكافحة الارهاب في العراق وسوريا.

"الطريق مسدودة"

يلاحظ نائب رئيس المجلس النيابي السابق ايلي الفرزلي تدهور العلاقات السعودية – الايرانية عملياً على الارض، "خصوصاً في التطور الميداني في اليمن وارتفاع وتيرة الكباش في العراق أو تطور النقاش بحدة وسلبية في لبنان".

 

ويعتبر أن السعودية شعرت بالتوتر نتيجة تقديرها بأن "النظام الاقليمي المقبل، عندما يرسو، سيتثبت فيه العنصران الايراني والاسرائيلي وابقاء الصراع على المرجعية السنية"، ويشير إلى انه "في طبيعية الصراع السني - السني القائم والذي تحددت جغرافيته بين تركيا والسعودية ومع شعور الاخيرة بان خيطا رفيعاً يفصل بين الايرانيين والاتراك، وسنشهد المزيد من التدهور في العلاقات".

"الطريق مسدودة بين البلدين"، بالنسبة إلى المحلل السعودي الدكتور خالد الدخيل الذي يؤكد انه "لا يمكن تجاوز هذه المرحلة المتوترة مع اصرار الحكومة الايرانية على توظيف تحالف الاقليات في المنطقة واستخدام آلية الميليشيات والطائفية كأداة للسياسة الخارجية"، ويضيف: " تدرك ايران تماماً أنها أدخلت فكرة الطائفية وحوّلتها مؤسسات فاعلة على الارض وميليشيات".

أما الكاتب السياسي اللبناني هاني نصولي فهو  لم يكن يلحظ اي "ايجابية" في العلاقات بين البلدين، بل وصف ما يجري من تطور بـ"حوار لم يصل إلى اتفاق، شعر المراقبون عبره في البداية بالتفاؤل والايجابية، لكن بعد فشله عاد الصدام بين البلدين إلى العلن".

يتصارع مشروعان على العالم العربي، وبحسب نصولي فإن ايران "لديها مشروعها التوسعي كاي دولة باتت قوية عسكرياً وبدأت تمد اذرعها في المنطقة عبر نظرية الاقليات وعبر الحلفاء كحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن وعبر كل فريق شيعي، وتقوم النظرية على التحالف مع الاقليات لتعطي ايران الانطباع بانها تحمي الاقليات في المنطقة". اما المشروع الثاني الذي تقوده السعودية ودول الخليج "هدفه تقليص نفوذ ايران واخراجه من المنطقة".

الحوثيون بين السياسة والسلاح

يعتبر الملف اليمني وتطور حال الحوثيين الملف الأكثر سخونة بين البلدين بسبب القرب الجغرافي، إذ باتت الحدود الجنوبية السعودية مهددة من طرف تدعمه ايران وتعمل من اجل تسليحه، لكن الدخيل يؤكد أن "السعودية لن تسمح بتحول الحوثيين نسخة اخرى من حزب الله على الحدود السعودية سواء عسكرياً او سياسياً".

الرياض ستبقى على استراتيجيتها نفسها في التعاطي مع الملف اليمني لأن في رأي الدخيل "الحل يبدأ من الداخل"، مشدداً على ان "المشكلة لا تتعلق

بالحوثيين كفريق سياسي بل في امتلاكهم السلاح". وستكمل السعودية في تعاطيها مع جميع القوى كالحزب الاشتراكي والحراك الجنوبي والحكومة المركزية وجماعة الاصلاح، ويشير الدخيل إلى أن المملكة تتجه نحو "استيعاب الحوثيين، لكن مع عدم قبول فكرة تسلح اي فريق من الافرقاء السياسيين داخل اليمن وان يكون ذلك حقاً حصرياً للقوى الشرعية وهذا ما يرفضه الحوثيون والايرانيون". ويحذر من أن "استمرار ايران والحوثيين بهذا التحدي قد يتطور إلى التصادم مع السعودية على الحدود الجنوبية ولا اتصور ان الحوثيين يريدون هذه الخطوة".

وفي شأن اليمن، يقول نصولي: "السعودية غير راضية عن الحوثيين في اليمن ولا عن القاعدة"، مضيفاً ان "سياسة المملكة معروفة بـ"النفس الطويل"، اذ تنتظر تبلور الصورة وبعدها تأخذ قرارها، فيما ايران تدعم الحوثيين للقضاء على القاعدة من جهة وللضغط على السعودية واميركا من جهة أخرى"، مستبعداً قيام "ايران بتهديد السعودية عبر اليمن، لأن التحالفات ستتدخل حينها وهناك حدود لا يمكن للطرفين تخطيها".

بين الميليشيات السنية والشيعية

في ملف مكافحة الارهاب، لا سيما "داعش"، سارعت السعودية للانضمام إلى التحالف الدولي للمشاركة في القضاء على الارهاب ويشدد الدخيل على أن "السعودية لم تستخدم توتر علاقاتها او الموقف الايراني في هذا الموضوع، فموقفها واضح أنها ضد التنظيمات الارهابية"، معتبراً أنه على "التحالف الدولي والسعودية مواجهة الارهاب السني والشيعي معاً من اجل دعم فكرة الدولة في المنطقة".

ويسأل الدخيل ايران: "تريديون محاربة داعش، لكن ماذا عن عصائب الحق و"حزب الله" وكتائب ابي فضل العباس وجيش المهدي، وكل ميليشيات ايران في العراق وسوريا؟"، ويفرّق بين "ميليشيات سنية وأخرى شيعية، والاخيرة تعمل تحت الغطاء الرسمي الايراني، اما السنية فلا تتبناها اي دولة عربية، ولهذا سارعت السعودية إلى وضع النصرة وداعش وغيرهما على لائحة الارهاب وانضمت إلى التحالف لمحاربة هذه التنظيمات، لكن ماذا فعلت ايران تجاه الميليشيات الشيعية؟".

وخلص الدخيل إلى نتيجة مفادها أن "ايران تريد القضاء على الميليشيات السنية والابقاء على الميليشيات الشيعية".

في رأي نصولي، ان "ما يجري حالياً من اعلان الحرب على "داعش" هدفه تقليم أظافر هذا التنظيم الذي تجاوز خطوطاً حمر، اما وجوده كرد فعل او كند للجماعات المسلحة التابعة لايران فلا يمكن للضربات الجوية ان تنهيه". 

"المستقبل" و"حزب الله"

ماذا عن لبنان؟ يجيب الفرزلي بأن "مع توتر العلاقات بين السعودية وايران فإن لبنان مفتوح على كل الاحتمالات"، فيما الدخيل يدعو إلى تسمية الاشياء والاشكاليات بـ"تسميتها الحقيقية" وهي: "حزب الله ميليشيا و"تيار المستقبل" وباقي احزاب "14 آذار" والتيار الوطني الحر التابع إلى النائب ميشال عون قوى سياسية".

أما نصولي فكان واضحاً بالاشارة إلى التوتر بين "تيار المستقبل" و"حزب الله" والذي برز أخيرا في خطاب وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ويقول: "هذا لا يعني أن الخطاب مختلق من المشنوق بل يتحدث عن وقائع وكان ينتظر فقط الوقت المناسب لفتح الاوراق، ولو كانت العلاقات جيدة بين السعودية وايران لما فتحها".

محمد نمر