هل تنفجر "الحرب الباردة" التي يعيشها لبنان على وهج حرب "الحديد والنار" الدائرة على اكثر من ساحة في المنطقة؟ وما مصير الأزمات والتوترات والمنازلات التي يضجّ بها وعلى نحو يومي الوطن الصغير القابع فوق فوهة صراع إقليمي يخفت حيناً ليشتدّ في معظم الأحيان؟ وهل الستاتيكو الحالي ما زال قادراً على تمكين لبنان من شراء المزيد من الوقت لإبعاد الحريق عن الداخل في لحظة انفجار الاحتقان من حوله؟

مصادر الطرف الأبرز في قوى "8 آذار" رسمت لوحة داكنة لمجريات الوضع في لبنان، وأوضحت لصحيفة “الراي” الكويتية ان التقارب السعودي- الايراني اصيب بانتكاسة قبل ان يبدأ بسبب الأحداث المتسارعة التي دهمت المنطقة، وخصوصاً مع الحرب على الارهاب في العراق وسورية ومن ثم أحداث اليمن، الامر الذي يوثر سلباً على الوضع اللبناني في شكل مباشر وينعكس، ليس فقط على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بل يتعدى المدّ والجزر بين فريقي “8 و14 اذار” ليطال الدستور اللبناني وتحديداً اتفاق الطائف.

ورأت المصادر، وهي على بيّنة من قراءة “حزب الله” لما يجري، ان المشهد في الدول العربية، من سقوط الموصل ونينوى وصلاح الدين، ومن بعدها الرقة ودير الزور، جذب قوى التحالف الدولي ومعها الدول العربية التي قبِلت بالمشاركة في الحرب على تنظيم “داعش” بعد ضمانات بأن الولايات المتحدة لن تتخلى عن مشروع إسقاط الرئيس السوري بشار الاسد، موضحة ان روسيا وايران ومعهما “حزب الله” لن يتخلوا ابداً عن الأسد، مما يضع الأمور في موقع لا تراخي فيه من حلف الممانعة، الذي أصبح يضيق ذرعاً بمسايرة الخارج ومسايرة الداخل.

وتسأل مصادر الطرف الأبرز في “8 اذار” عبر “الراي”: ماذا يعني إذا سقطت صيدا او مناطق الساحل اللبناني كالناعمة، او مناطق اخرى مثل سعدنايل في البقاع؟، مضيفة ان حرب المناطق اليوم في سوريا والعراق على أشدّها، مذكّرة بأن “7 أيار” في لبنان عام 2008 غيّرت الحكم بقوة السلاح عندما تعطّلت لغة الكلام، وها هو السلاح يُستخدم اليوم من الولايات المتحدة وحلفائها ضد “داعش”، وكذلك ضد الرئيس الاسد عبر دعم معارضيه وتدريبهم.

وبلغة لا تخلو من الوعيد، ذكرت المصادر عيْنها: لهذا من غير المستبعد ان تكون لغة السلاح هي سيدة الموقف لمحاربة التطرف او لفرض حالة يُمنع عبرها تغلغل التطرف في المجتمع اللبناني، لافتة الى ان من الواضح ان فريقاً لبنانياً يحاول حتى يومنا هذا مراعاة التطرف وهو لا يدري ان الخطر يضرب الجميع، ويستمرّ في مطالبة الدولة بالرضوخ للإرهابيين ظناً منه أنه سيكون في منأى عن سكاكينهم، وهناك فريق آخر يحاول وبعد عقود من الزمن ان يظهر بمظهر التديّن- ترميم المساجد والدعوة للصلوات الخمس- للإيحاء بأنه على الحياد، وثمة طرف ايضاً يمسك بزمام الأمور الداخلية والعدلية في لبنان يسير في الوسط في أرض لا مجال للعودة منها مما جعل الوضع يتعلق بالاستمرارية والوجودية، وتالياً فإن المراعاة والديبلوماسية لم تعد اللغة التي يجب اعتمادها.

وفي موقف ينطوي على لهجة غير مسبوقة في مقاربة العلاقات الداخلية، تحدثت مصادر الطرف الأبرز في “8 اذار” عن ان اتفاق الطائف لم يعد الركيزة الصالحة لضمان عيش اللبنانيين مع بعضهم البعض، فالأمور تتجه من سيىء الى أسوأ، ولهذا فإن البلاد تحتاج الى اتفاق آخر او لا اتفاق، وهو امر لم يعد مستبعداً في ظل الفوضى غير الخلّاقة المسيطرة على الشرق الأوسط، خصوصاً ان في لبنان طرفاً يريد النيل من الآخر لتحقيق مكتسبات متكئاً على النفوذ الخارجي، وتالياً فإنه بعدما اصبح اللعب على المكشوف فليخدم كل طرف مرتبط بالخارج خارجه وبقوّة لأن الوضع لن يصل الى اسوأ مما هو عليه اليوم.

واستبعدت المصادر عينها ان يتم انتخاب رئيس للجمهورية في القريب او خلال هذه السنة، لأن الصراع الخارجي هو سيد الموقف ولأن اللبنانيين لن يستطيعوا ايجاد صيغة عيش مشتركة وحدهم، وهو ما يعني ان الصراع الخارجي سينتقل الى الداخل وبعلنية اكثر.



المصدر :الراي الكويتية