اعتبرت أوساط إسرائيلية اعلان "حزب الله" صراحة مسؤوليته عن تفجير عبوتين ناسفتين بالقرب من الحدوداللبنانية -الإسرائيلية في مطلع هذا الشهر والذي اسفر عن اصابة جنديين إسرائيليين بجروح، خرقاً واضحاً للقرار 1701 الصادر عن مجلس الامن في نهاية حرب تموز 2006، ومؤشراً على حدوث تغيير جذري في سياسة الحزب التي اتسمت حتى الآن بتجنب تحمل المسؤولية العلنية عن هجمات يشنها ضد إسرائيل، مما يؤشر إلى عودة الحزب الى العمليات العسكرية ضد إسرائيل.

حتى الآن تميل تقديرات القيادة العسكرية الإسرائيلية الى الاعتقاد بأن ليس من مصلحة الحزب في الفترة الحالية التي يغرق فيها في الحرب الأهلية في سوريا الدخول في مواجهة عسكرية مع إسرائيل، وان القوة المفرطة التي استخدمتها إسرائيل هذا الصيف ضد "حماس" في قطاع غزة لا بد ان تردعه عن المجازفة بالقيام بهجمات ضدها، وان تاثير الردع الناشىء عن حرب تموز 2006 ما يزال قائماً.

لكن في رأي عدد من الملعقين الإسرائيليين، فإن سلسلة الحوادث التي جرت في الفترة الاخيرة بالقرب من الحدود الإسرائيلية-اللبنانية، تشير الى توجه مختلف لدى الحزب. ففي راي المعلق العسكري في "هآرتس" عاموس هرئيل ان الحادث الاخير لتفجير العبوتين الناسفتين اللتين في منطقة مزارع شبعا يختلف عن غيره ، لان العبوتين كانتا اكثر تطوراً وفتكاً من تلك التي فجرت في شهر آذار الماضي، وانه لولا حذر الجنود الإسرائيليين لاسفر التفجير عن وقوع عدد كبير من القتلى بينهم، ومعنى ذلك ان الحزب كان مستعداً لتحمل نتائج خطيرة من هذا النوع وبالتالي فهو كان يجازف برد إسرائيلي كبير وعنيف.

 

ويطرح الكاتب عدداً من التساؤلات: ما هدف "حزب الله" من العملية المباشرة التي قام بها ضد الجيش الإسراائيلي في مزراع شبعا؟ وهل كان الحزب مستعداً لو نجحت العملية في قتل عدد كبير من الجنود كما كان مخططاً لها في الدخول في جولة جديدة من العنف أو حتى في حرب؟ وهل ينوي الحزب ترجمة التجربة القتالية التي اكتسبها مقاتلوه عبر مشاركتهم في الحرب السورية في حال نشوب مواجهات جديدة مع إسرائيل من خلال تطبيق اساليب قتالية جديدة، والقصف العنيف للمناطق القريبة من الحدود مع لبنان بواسطة الصواريخ القصيرة المدى وذات الرؤوس الحربية الكبيرة التي التزود بها في السنة الاخيرة؟

في مطلق الاحوال يعتبر الكاتب اعلان الحزب مسؤوليته عن تفجير عبوات ناسفة ضد الجنود الإسرائيليين يعكس ثقته الكبيرة بنفسه مما يفرض على إسرائيل اعادة التفكير في مقاربتها للوضع في جنوب لبنان، والاخذ في اعتبارها احتمال أن يكون "حزب الله" بصدد الاعداد لمواجة عسكرية جديدة ضدها.
ولا يستبعد الكاتب ان يكون لحادثة مزارع شبعا اهداف اخرى مثل صرف الأنظار عن الصراع الداخلي في لبنانوالخسائر الكبيرة التي تكبدها في صراعه مع تنظيمات سنية متشددة مثل "الدولة الإسلامية" ("داعش")، أو ان يكون ما حدث محاولة من جانبه، سبق أن أعلن عنها علناً قبل أشهر، من أجل وضع قواعد جديدة لتوازن الردع في مواجهة إسرائيل.

يحذر الكاتب من ان الاعتداد بالنفس الذي يظهره الحزب في الفترة الاخيرة قد يؤدي الى خطأ في الحسابات يمكن أن يتسبب باندلاع مواجهة جديدة بينه وبين إسرائيل. مما يعني أن مقولة لا مصلحة لـ"حزب الله" في الدخول في مواجهة عسكرية مع إسرائيل لم تعد تنطبق تماماً على الوضع بعد الحادثة الاخيرة في مزارع شبعا.