هي المرة الأولى ربما يخرج وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق عن طوره فيوجه إنتقادات واتهامات لاذعة الى "حزب الله"، دفعت الوسط السياسي الى التساؤل عن الاسباب والخلفيات التي تدفع "تيار المستقبل" إلى رفع اللهجة بوجه الحزب في لحظة سياسية وأمنية داخلية وإقليمية هي الأخطر في تاريخ الصراع القائم.

تستدرك مراجع سياسية بارزة في "تيار المستقبل" ان هذا الهجوم غير المسبوق لأحد أبرز صقور التيار وممثله في الحكومة السلامية بالحقيبة الأمنية الأبرز، لتقول أنه لا يدخل في أدبيات السلطة او العمل السياسي في لبنان. وربما السابقة الوحيدة للتيار في هذا الإتجاه سجلها رئيس كتلة "المستقبل" الرئيس فؤاد السنيورة عندما كان رئيساً للحكومة، حين توجه بالإتهام المباشر الى الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله.
لكن هذا الهجوم لم يأت من لا شيء ولا بد من النظر اليه بحسب المراجع من الزاوية الصحيحة التي دفعت المشنوق اليه. وتقول في هذا الصدد أن الرجل لم يدخر جهداً منذ توليه حقيبة الداخلية، وتحديداً منذ إندلاع أحداث عرسال والتفجيرات التي سبقتها للتواصل مع الحزب والقوى السياسية والأجهزة الأمنية التي تدور في فلكه. حتى أنه أُخذ عليه التنسيق مع مسؤول وحدة الارتباط في الحزب وفيق صفا. لكن كل محاولات المشنوق الرامية الى التحذير من مخاطر الوضع الأمني وتفشي البؤر الإرهابية وما سترتبه على البلاد لم يلق أي تجاوب أو أي تسهيل من أجل احتوائه ومواجهته، مما اوصل الأمور إلى ما وصلت إليه.
ثمة في الوسط السياسي من يبدي تخوفه مما سترتبه المواجهة المكشوفة بين الحزب والتيار، لجهة ارساء معادلة سياسية جديدة تحكم مسار الملفات والاستحقاقات الداهمة في الامن والرئاسة والتمديد كما في الملفات الأخرى (السلسلة او الكهرباء...)، وخصوصا أن كلام المشنوق عن انه قاب قوسين من الإعلان عن قتلة اللواء الشهيد وسام الحسن يؤشر لمرحلة من التصعيد الأمني وخصوصاً إذا وُجهت أصابع الإتهام نحو الحزب.
تقلل المراجع المستقبلية من أهمية هذه المعادلة، رغم أن كلام المشنوق لا يأتي في إطار فردي بل هو مسقوف بغطاء من التيار الأزرق الذي بدا أنه حسم خياره في اتجاه المواجهة المكشوفة.
وتقول المراجع ان هذا التصعيد لن يرتب أي مضاعفات خطيرة على البلاد ولن يؤدي حتماً إلى أي إنفجار في العلاقة المقطوعة أصلاً مع الحزب. لكنه يرمي ومن دون أدنى شك الى كشف الأمور كما هي للرأي العام. لأنه لا يمكن الطلب الى وزير الداخلية أن يضرب بيد من حديد عندما يستهدف الضرب طرفاً واحداً، فيما يجري غض النظر عن الطرف الآخر.
لم يتلق "المستقبل" أي رد فعل من جانب الحزب حتى الآن، وهو في أي حال لا يتوقع رداً.
وتستبعد المراجع ان يكون له أي تأثير على الاستحقاقات السياسية، إنطلاقاً من أن الحزب يساهم عبر دعمه رئيس "تكتل التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون للرئاسة ورفضه البحث في مرشح توافقي، في تعطيل الاستحقاق. أما في شأن الاستحقاق النيابي، فإن الحزب يسير بخيار التمديد وإن كان يمتنع عن إعلان موقفه جهراً.
يذكر ان لقاء سيعقد خلال اليومين المقبلين بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري والرئيس فؤاد السنيورة لإستكمال البحث في الملف النيابي، تمديدا وتشريعاً.
يبقى الأهم بالنسبة الى المراجع، ما سيكون عليه موقف الحزب من الوضع الأمني وما تتطلبه معالجته بعدما وضعه المشنوق أمام مسؤولياته في هذا الشأن.