موضوع ولاية الفقيه ليس موضوعا حديثا في الفقه الشيعي , بل هو أحد البحوث الفرعية مثل كثير من فروع الفقه , حيث أن آراء الفقهاء تختلف في الفروع , كذلك وقع الخلاف بينهم حول ولاية الفقيه بين مؤيد لها وبين معارض لها , وبين مفصل لها وبين مجملٍ لها , فمنهم مَن أنكر ولاية الفقيه بدليل أن لا ولاية لأحد على أحد في الاصل , ما عدا ولاية الله على الناس ,  " الله ولي الذين آمنوا " فالولاية هي ولاية الله لا غير , ثم تأتي ولاية رسول الله (ص) بعد ولاية الله تعالى , " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم " سورة الاحزاب , ثم تأتي ولاية الائمة عليهم السلام  " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة وياتون الزكاة وهم راكعون " المائدة . ( راجع كتاب مطارحات الفكر الاسلامي) .

ولا يوجد دليل واضح على ولاية الفقيه , لا من القرآن ولا من السنة الشريفة , من هنا إختلف الفقهاء في أصل ولاية الفقيه , أما عند السُنة فإن هذه المسألة غير موجودة في فقههم , كذلك لم توجد هذه المسالة عند قسم كبير من المسلمين .

هنا مسالة : وهي أنه يستفاد من بعض الروايات المرسلة , وبعض الروايات التي لم ترتقي الى مستوى الصحة او الاطمئنان , أن للفقهاء ولاية خاصة كونهم يدخلون في عنوان المؤمنين , حيث أن هناك ولاية للمؤمنين بعضهم على بعض ودليلها الاية الكريمة التالية :" المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ..." , وهذه الولاية تعني أنه يحق لكل مؤمن أن يأمر مؤمنا آخر بالمعروف وينهاه عن المنكر , وهذا لا يتصور ألا مع ثبوت الولاية للمؤمن على المؤمن .

كما قلنا فإن ولاية الفقيه قد وقع الخلاف فيها بين الفقهاء في حدودها , فلو راجعنا وتتبعنا الكتب الفقهية المعتبرة , وراجعنا آراء الفقهاء الكبار من المعاصرين والقدامى , أمثال الشيخ النائيني والشيخ الطوسي وغيرهما من كبار الفقهاء لوجدنا أن في المسالة أقوالا مختلفة , فالشيخ الانصاري رحمه الله كان يعتقد بجزء من هذه الولاية , وآخرون يعتقدون بها في الامور الصغيرة وفي الاوقاف وما أشبه , وبشكل عام فإن الفقهاء يلتزمون بالولاية الخاصة المقيدة من قبيل الولاية على الاموال الشرعية مع أنه في المسالة خلاف وأقوال .( راجع كتب الفقهاء في المسالة .) .

أما نقاش مسالة إطلاق الولاية للفقيه فلا دليل يساعد على أنها مطلقة كما يقول بها بعض الفقهاء الشواذ عن الاجماع الشيعي , وما استدلوا به من روايات على قولهم بالاطلاق , هي روايات غير صحيحة السند , وغير واضحة الدلالة .