رائعة هي العبارة التي كان يرددها دائما المفكر الدكتور علي شريعتي في مسعاه وحركته الفكرية والاجتماعية:
" ان الدين الذي لا ينفع الانسان قبل الموت لا ينفعه بعد الموت أيضا"
ولعلنا في هذه الأيام اكثر ما نحتاجه هو الإضاءة على الإشكاليات الفكرية المتعلقة بالثقافة الدينية والتي باسمها بتنا نستولد الازمات القاتلة التي تعم منطقتنا في المرحلة الراهنة، وبالخصوص ما نشهده من "فتنة إسلامية" حصدت وتحصد يوما مئات الضحايا الأبرياء باسم الدين ومذاهبه
فاذا ما كان شعار " الإسلام هو الحل " الذي رفع في بدايات القرن الماضي والذي تحته مورس ابشع أنواع الاضهاد وشكل رافعة لصاراعات مصالح لا علاقة لها لا بالتدين ولا بالإسلام فان مصطلح " الإسلام السياسي " هو أيضا يستعمل اليوم بكثافة بهدف لصق الإسلام زورا ببعض الحركات والأحزاب السياسية وحتى الإرهابية من غير وجه حق
ما اريد ان أقوله هنا هو ان الدين في الخطاب الحضاري الجديد، سواء في العالم الإسلامي او العالم المسيحي قد واجه تحولا كبيرا، وهو عبارة عن صيرورة الدين دنيويا، أي تحول الدين الى امر دنيوي، ولعل في هذا جزور عميقة تمتد الى عهد توماس اكونياس وأمثاله من رجال الدين المسيحي حيث خلط المسيحية مع الفكر الارسطي وجعل التعاليم الدينية عقلانية ،
والذي لم يلتفت اليه الا بعض ارباب الفكر والعقل في العالم الغربي في القرون الوسطى ، وهكذا الحال في عالمنا الإسلامي ، فالتجربة مشتركة بين الأديان ، ومن هنا نرى الخطأ الذي وقع فيه البعض وهو انهم تصوروا ان الفقه هو البعد الدنيوي للدين والذي يتكفل عمران الدنيا
صحيح ان الفقه علم دنيوي، والفقهاء علماء في الدنيا وامورها كما يقول الغزالي ، وكون الفقه علما دنيويا كما علم الحقوق دنيوي أيضا وهدفه رفع المخاصمات والمنازعات وليس فيه برنامج للتقدم الزراعي والصناعي وبناء السدود وتعبيد الطرق والصحة والكهرباء وامثال ذلك، والفقه هو فقط علم الاحكام " الحلال والحرام " لا علم التخطيط للمستقبل , الذي يعتبر من اهم اهداف أي مشروع سياسي , وعليه فالاسلام لم يقدم نفسه كحامل لمشروع سياسي بالمعنى الحديث للكلمة , حتى انه( الإسلام) يفتقد لالف باء المشروع السياسي والمتمثل بصياغة رؤية واضحة عن طريقة تكوين السلطة السياسية،واكثر من ذلك، فهو لم يتطرأ لها الفقه الإسلامي لا من قريب او بعيد ,
وبناءا على ما تقدم فان مصطلح " الإسلام السياسي " لا يغدو اكثر من خدعة لفظية يستعملها ارباب حركات سياسية لها مصالحها الخاصة وأهدافها الخاصة، والملفت أيضا ان هذا المصطلح نفسه يستعمله خصوم تلك الحركات