مشهد الحرب المعلنة بين دول التحالف الدولي والذي يضم اكثر من اربعين دولة من اكثر دول العالم قوة وتسليحا وتنظيما عدا الدول المساندة لها بقيادة الولايات المتحدة الاميركية ضد الجماعات الارهابية واهمها تنظيم داعش وجبهة النصرة فيه شيء من الغرابة بل فيه الكثير من الاستغراب عن سير المعارك والضربات الجوية . فمع البدء بالهجمات الجوية للتحالف الدولي عليها فان داعش تعاملت معه بكل موضوعية وتابعت مسارها بالحرب بخطى القادر والواثق من دون تذمر او شكوى وخاضت ولا تزال حروبا على عدة جبهات في سوريا وفي العراق وحتى على الحدود اللبنانية الشرقية من دون ان يبدو عليها ملامح التراجع عن مشروع دائرة حروبها التي تحقق تقدما وانتصارات في اكثر الحروب التي تخوضها , والغريب في الامر ليس فقط انتصارات داعش العسكرية بل ازدياد عدد مقاتليها على رغم ما تخسره في المعارك وبالرغم من عدم وجود دولة تدعمها او تؤيدها في العلن وبالرغم من مواجهتها في سوريا بقوى التحالف الدولي والقوات النظامية المدعومة من روسيا وايران اضافة للمجموعات المسلحة الكردية وغير الكردية . وهذا يقودنا الى تساؤل كبير وهو انه : صحيح ان لدى داعش الكثير من مقومات القوة الحقيقية , لكن من غير الصحيح ان يكون في مقدورها الاستمرار في انتصاراتها على العالم اجمع ,لو كانت الدول والاطراف التي تحالفت واعلنت الحرب عليها تعمل بجدية وصدق للقضاء عليها فعليا , وبالتالي هذا يقودنا الى حقيقة لا يمكن التغافل عنها وهي ان جميع الدول التي تعلن مواجهتها لداعش تعمل بالمطلق للاستفادة منها اومن مواجهتها لتحقيق فوز على الخصوم الاخرين . فصراعهم ليس مع داعش بل بين بعضهم البعض بالاستفادة من حالة كحالة داعش بذريعة مواجهتها , فلو كان الامر غير ذلك لواجهوها في مرحلة نشوئها الاول وما كانوا سمحوا لها ان تنهض وتكبر ,اذ لم يكن من الصعب رؤية ومراقبة نشوء ظواهر متطرفة ضمن معمعة المقتلة السورية بعد مضي حوالي السنة على انطلاق الانتفاضة السورية . فليس هناك من يريد القضاء على داعش اقله في الوقت الحاضر وهذا ينطبق على داعش في سوريا اكثر منه في العراق . فالنظام السوري يعتقد ان اي اضعاف جدي لداعش ستستفيد منه القوى المسلحة المناوئة له والموصوفة بالمعتدلة دوليا والتي تحظى بقدر ما من الدعم والاعتراف بها كمعارضة شرعية من قبل غالبية المجتمع الدولي , كذلك فان هذه القوى تخشى ان يصب اضعاف داعش في مصلحة النظام لعدم ثقتها ان لديها المقدرة على كسب ما يخسره تنظيم داعش , ولتقديرها ان وجود هذا التنظيم يساهم بشكل ما في اضعاف النظام . اما في ما يتعلق بدول التحالف فان مصالحها تنقسم من خلال مواجهتها لداعش , فبين من يسعى الى تقليص دور روسيا ونفوذها في المنطقة وبين من يسعى للحد من حجم التغلغل الايراني في عواصم المنطقة العربية . والى ان يتم انشاء معارضة سورية معتدلة تلقى دعما دوليا حقيقيا ويلتف حولها كافة مكونات الشعب السوري للدفاع عن وطنهم في وجه داعش وفي وجه النظام ستبقى داعش تتوسع جغرافيا وتتكرس اجتماعيا في المجتمعات المشرقية .