كشف مسؤول ايراني عن تبادل رسائل بين ايران والولايات المتحدة حول خطر داعش وضرورة مواجهة هذه الظاهرة وأعرب الايرانيون فيها للأمريكيين عن خشيتهم من قيام واشنطن  بتغيير نظام بشار الأسد لأن ذلك سيعرض أمن اسرائيل للخطر .

لا يسعنا التبرير هنا ولا يُساعدنا كثيراً ومهما اجتهدنا  لتوفير مساحيق مغطية للتصريح الفارسي الواضح والمُستفز للمؤمنين بدور سورية القومي وبالمحور الذي تمثله ايران ضدّ دولة الارهاب في العالم . لأن المصدر لا لبس فيه ولا التباس يحاصره ولا يمكن التشكيك كالعادة في الترجمة الحرفية أو في الحديث المقتطع أو المجتزأ والموصول بحرفة اعلامية مغرضة وخبيثة .

اذاً ثمّة صراحة في التصريح الايراني وعليه يمكننا التعامل معه وفق حقيقته لا وفق أمزجتنا المختلفة والمختلقة وكل بحسب رغائبه ومشتهياته السياسية والمذهبية .ولذا نسأل ما الذي يدفع مسؤول برتبة وزير الى القول للادارة الأمريكية ما يؤكد وجهات نظر عديدة حول دور النظام السوري في حماية الأمن الاسرائيلي ؟ أو ما يضع سورية وايران في وضع محرج؟ لا شك بأن الاجابات متعددة وتختلف ما بين صديق وعدو للبلدين وثمّة غياب للموضوعية في الاجابة لأن أحداً لا يثق ولا يقرّ بوجود موضوعية ومحايدة في الحياة السياسية .

لكن وأيّاً تكن الاجابات ومصادر المُجيبين تلح علينا شرعية السؤال نفسه بفتح جدل حول طبيعة الموقف الايراني من اعتبار النظام السوري حارس أمين لاسرائيل ومن اعتبار ايران حامية ومدافعة عن نظام محكوم بتلبية أمن العدو. لأن هناك تناقض فاضح بين دورين احدهما ممانع ومقاوم والآخر حارس للبوابة الاسرائيلية .

بتقديري أن هناك مرحلة حسّاسة جداً من تاريخ المنطقة الأوسطية تُبنى من خلالها مصالح جديدة وقدّ فوضت للفوضى وللحروب اعادة هيكلة النخب السلطوية وفق شرعيّات وتوازنات مستندة لخيارات تعكس وجهات نظر تقليدية من جهة وثورية من جهة أخرى ولكن بأهداف بعيدة عن الأهداف القديمة وخاصة تلك المتعلقة بالغرب واسرائيل .

من هنا يبدو التصريح الايراني منسجماً تماماً مع العقل الموضوعي الذي يتعامل مع الأشياء كما هيّ لا كما يتمناه فحقيقة وصفه للدور السوري من اسرائيل شعور منه باشباع الرغبة الامريكية المنحازة دائماً لأمن اسرائيل في لحظة مفصلية تتهيأ  فيها ظروف يُبنى عليها مستقبل سورية ومن ضمنها طبيعة ونمط العلاقة مع اسرائيل المطمئنة لنظام خبرته وجربته وكان وفيّاً لتعهداته في الأمن والهدنة .

وبالتالي هو يعكس خيار ايران المُستجد على ضوء الحروب المتعددة والتي تخوضها ايران لتثبيت قوتها وتحكمها بسياسات المنطقة وفق التزامات دولية مطمئنة للغرب الذي أبدى حرصاً على التعاون معها من خلال الملف النووي وما تبع ذلك من خطوات ايجابية وان كانت حذرة لكنها تدشن لمرحلة جديدة تتطلب وجهة نظر ايرانية تتسع لمصالح الغرب ومصالح أصدقائه حتى يكون لايران دور مؤثر في منطقة محكومة بمعايير ثابتة وفي مقدمتها الأمن الاسرائيلي .

اذا داولنا التصريح الايراني بطريقة برغماتية يمكن أن يكون ما تناوله مساهمة في مدلولات التصريح كما يمكن اعتباره منسجماً مع النوايا الايرانية اذا ما كان الموقف تكتيكاً لصالح استراتيجية بحجم نفوذ اقليمي وغير ذلك لا يعري الايراني والسوري من ورقة توت المقاومة ولكنه يؤسس لسلوك سياسي غير مقدّس يدفع الجميع الى مزاولته بعيداً عن سياسات التحريم والتكفير .