بدت الدولة خلال الساعات الـ48 الماضية اكثر ثقة بالنفس واكثر رباطة جأش وهي تقارب موضوع العسكريين المأسورين لدى التنظيمات الارهابية في جرود عرسال منذ ما يزيد عن الشهر. واللافت في هذا الإطار ان المسوؤلين المعنيين بهذا الملف الشائك امتلكوا معطيات جديدة داخلية وخارجية اخرجتهم من حال التوتر والضياع الذي طبع حراكهم حيال هذا الامر وهو في بداياته.

ولم يعد خافيا وفق اكثر من مصدر ان مصدر هذا الاطمئنان يعود الى الوقائع الاتية:
- ان القوى السياسية المشاركة في الحكومة صارت تتلاقى وتتقاطع اكثر من اي وقت مضى على توجه مشترك حيال هذا الملف وبالتحديد حيال معالجته والتعامل معه، فعلى سبيل المثال اسقط بعض هذه القوى فيتو المقايضة الذي كان رفعه في المراحل الاولى من القضية. ولعل هذا التوجه بات يقوم الان على مبدأ استخدام كل ما يمكن استخدامه لاعادة الاسرى العسكريين سالمين ووقف مأساة ذبحهم واحدا تلو الاخر كما حصل. 
- ان الدولة اعدت للتفاوض غير المباشر عدته اللازمة والكاملة اذ حددت الجهىة الرسمية المعنية بادارة عملية التفاوض ورسمت السقوف وقطعت اشواطا في هذا الاطار، وهو ما جعل رئيس الحكومة تمام سلام يتحدث عن الموضوع امس في مجلس النواب بكل اطمئنان وثقة بالنفس وبشفافية.
- ان الدولة قوت موقعها واوراقها من خلال جملة الاجراءات الميدانية المشددة التي اتخذها الجيش في عرسال وجرودها لتضييق الخناق على المسلحين وعلى ما يمكن ان يكون بيئات حاضنة وداعمة لهم واستطرادا لسحب المبادرة من بين ايديهم وهي تدابير اعطت ثمارها سريعا وتبدى ذلك في التهديدات التي اطلقوها لاحقا. 
- ان الدولة وجدت في شكل شبه رسمي قناة التفاوض مع الخاطفين او بمعنى اوضح قبل الجانب القطري المضي قدما في وساطته وشرع الموفد القطري المكلف زياراته ولقاءاته بالمسلحين وبدا ينقل الى الجهات المعنية في بيروت شروطهم الواضحة ومطالبهم النهائية.
- الواضح ان الدولة بدأت تتصرف على اساس انها تملك ضمانات من الخاطفين ومن الوسيط القطري جوهرها ان لاعمليات قتل او ذبح للعسكريين المخطوفين بعد اليوم وما دامت عملية التفاوض قائمة ورفع من منسوب المرونة والاطمئنان اطلاق الخاطفين لآخر العسكريين المخطوفين.
- تراجعت خلال الايام القليلة الماضية تحركات بعض الجهات والهيئات الداخلية التي رفعت شعارات تبرر للخاطفين ممارساتهم وتطلق حملة تشكيك بخطوات الجيش وتدابيره خصوصا ان هذه الجهات لم تلق التجاوب المنشود لطروحاتها وتجلى ذلك الجمعة الماضي.
وحيال كل هذه الاجواء الايجابية، فإن السؤال المطروح هل ان المناخات التي بشرت بقرب نهاية سعيدة للموضوع هي في محلها؟
الجواب الذي تعطيه الجهات الرسمية المعنية بهذا الملف هو ان العملية برمتها تتم بسرية تامة وانه لا يمكن الافصاح عن اي معلومات قبل جلاء الامور لكنه تؤكد ان قطار القضية وضع على السكة الصحيحة وان الامور بدأت تسير في شكل اكثر وضوحا من قبل.