بادرة إيجابية برزت في قضية العسكريين المخطوفين لدى تنظيمي داعش وجبهة النصرة في جرود القلمون، إذ بعد تحرّك الوفد القطري إلى الجرود للقاء الجهات الخاطفة وبعد إجراء مشاورات شاقة معهم حسبما وصف مصادر متابعة لـ"المدن" تمّ التوصل إلى إطلاق سراح المعاون أول في الجيش كمال الحجيري، الذي سلّمه وسطاء إلى عناصر من الأمن العام رافقوا الموفد القطري إلى عرسال، ومن ثم عاد إلى منزله وأهله.

الحجيري لم يخطف أثناء المعارك التي دارت في عرسال وجرودها في الثاني من آب الماضي، بل اختطف في السابع عشر من أيلول من مزرعته الكائنة في محلّة الملاهي في وادي حميد، والملفت أنه بعد الإعلان عن فقدانه وإذاعة خبر إختطافه لم تتبنَّ أي جهة مسلّحة عملية الخطف هذه، ليتبيّن بعد الإفراج عنه أنه كان لدى تنظيم الدولة الإسلامية داعش، وتحديداً مع مجموعة تأتمر بأوامر والي القلمون في داعش أبو عبد السلام السوري.

تشير مصادر بارزة ومطلعة على مسار المفاوضات لـ"المدن" إلى أنه مع توجّه الموفد القطري إلى عرسال كان المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم قد اشترط ضرورة الإفراج عن أحد العسكريين كبادرة حسن نية ومن أجل إعطاء المفاوضات طابعاً جدياً ووضعها على السكّة الصحيحة، وحين التقى الموفد القطري مع جبهة النصرة وداعش طرح هذا الموضوع، فكان ردّ جبهة النصرة بأنها أطلقت أكثر من عشرة عسكريين بين جيش ودرك كبادرة حسن نية ولم يستجب أحد لمطالبها، لا بل لم تلتزم الحكومة اللبنانية بأي شرط من الشروط التي وضعتها الجبهة من أجل الإنسحاب من عرسال ومن أجل إطلاق سراح العسكريين، وتضيف المعلومات أن "أبو مالك التلّي وهو أمير جبهة النصرة في القلمون قال للوفد إن الحكومة اللبنانية تكذب على شعبها وهي لا تريد المفاوضات"، سائلاً: كيف تقول إنها تريد المفاوضات وهي حريصة على حياة العسكريين وترتكب ما ارتكبه الجيش بحق اللاجئين السوريين في عرسال؟

هنا كان الردّ القطري بأن الحكومة جدية، والرئيس تمام سلام ذهب إلى قطر من أجل حلّ هذا الموضوع، ليجيب التلّي بأن حلّ الموضوع الوحيد مرهون بإطلاق سراح بعض الموقوفين وخصوصاً الذين اعتقلوا عقب أحداث عرسال الأخيرة وعددهم يقارب الـ 500 شخص، وصفهم التلّي بأنهم أبرياء، كما أضاف مطلب حماية اللاجئين وتأمين الرعاية لهم.

حاز موضوع المقايضة على نقاش مستفيض، فبقيت النصرة على تشبّثها على قاعدة ان هناك أصواتاً في الحكومة ومن بعض السياسيين بدأت تعلن الموافقة على مبدأ المقايضة، وهذا إن دلّ على ذلك فإن الجماعة الخاطفة ستستثمر بالوقت وبالضغط على الحكومة عبر اللعب بأعصاب أهالي العسكريين لإجبار الجميع على الموافقة على المقايضة، فحمل الموفد القطري هذا الجواب لينقله إلى الحكومة.

أما بالنسبة للمفاوضات مع تنظيم داعش، فعند لقاء الموفد القطري مع عبد السلام السوري، أكّد الأوّل على وجوب إطلاق سراح أحد العسكريين المختطفين كبادرة حسن نيّة، ليشير "والي" داعش إلى أن الحكومة لم تبادر بأي حسن نية تجاه السوريين، وبعد تمسّك الموفد القطري بضرورة إطلاق سراح أحد العسكريين، تم التوصّل إلى إطلاق سراح المعاون كمال الحجيري، اذ اعتبر تنظيم داعش أن إطلاق سراحه هو حسن نية، لكن الحجيري لم يكن خاضعاً لبازار المفاوضات كونه لم يخطف أثناء المعارك، بل تم اختطافه من قبل داعش للتحقيق معه بتهمة التجسس عليهم لصالح الجيش اللبناني.

إذاً، تسلّم الموفد القطري مطالب الخاطفين بجدية، ونقلها إلى الحكومة اليوم الأربعاء، من اجل بحثها والإطلاع عليها وإجراء الإتصالات والمشاروات اللازمة لحلّ هذا الموضوع، إذ يضغط أهالي العسكريين في الشارع من أجل الموافقة على المقايضة وإطلاق سراح أبنائهم قبل عيد الأضحى.