شهدت الأزمة اليمنية، يوم أمس، تطوّراً خطيراً، يؤجج المخاوف من احتمال انزلاق البلاد اكثر نحو اعمال عنف، بعد الأجواء الإيجابية التي تبدّت منذ تم توقيع اتفاق المصالحة والشراكة، الأسبوع الماضي، إذ قتل 15 شخصاً على الأقل في تفجير انتحاري استهدف مستشفى يستخدمه الحوثيون في محافظة مأرب، وذلك بعد ساعات على خروج تظاهرة تندد بسيطرة الحوثيين على صنعاء.
وسبق الهجوم الانتحاري، وهو اسلوب نادراً ما توظفه الأطراف السياسية اليمنية المتناحرة في صراعاتها الداخلية ـ وهو ما يعزز فرضية ضلوع تنظيم «القاعدة» فيه ـ تحذيرٌ سعودي من ان التحديات «غير المسبوقة» التي تواجه اليمن، منذ أن سيطر الحوثيون على صنعاء، قد تهدد الأمن الدولي، ودعوة إلى إجراء سريع للتعامل مع انعدام الاستقرار في تلك الدولة المضطربة.
وذكرت مصادر متعددة أن انتحارياً، يشتبه في انتمائه إلى تنظيم «القاعدة»، قاد سيارة مفخخة، وصدم بها مستشفى يُستخدم قاعدة للحوثيين في بلدة مجزر في محافظة مأرب.
وذكرت جماعة تطلق على انفسها اسم «أنصار الشريعة»، ويبدو أنها أحد أذرعة «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب»، عبر بيان نشر على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي، أن «عشرات القتلى والجرحى من الحوثيين الروافض سقطوا عصر اليوم (امس) اثر استهداف استشهادي من أنصار الشريعة لتجمع لهم في مستشفى الجفرة في منطقة مجزرة في ولاية مأرب بسيارة مفخخة».
وقال رجال قبائل محلية إن 15 شخصاً على الأقل قتلوا في الهجوم وأصيب أكثر من 50 آخرين.
وسبق أن نفذت جماعة «أنصار الشريعة» عدداً من الهجمات على منشآت عسكرية ومدنية للحكومة اليمنية، لكن الجماعة المتشددة حولت اهتمامها إلى الحوثيين بعدما سيطروا على صنعاء.
وكانت هذه الجماعة قد اكدت الاسبوع الماضي أنها نفذت هجوماً مماثلاً على الحوثيين في معقلهم في محافظة صعدة الشمالية، قتل وأصيب خلاله العشرات.
وللمرة الاولى منذ بدء الأزمة الاخيرة، تظاهر مئات اليمنيين في صنعاء ضد الحوثيين، وذلك بدعوة من «ائتلاف شباب ثورة 11 فبراير» (2011).
وردد المتظاهرون شعارات مثل «ثورة ثورة من جديد.. لا حوثي ولا حميد» في إشارة الى حميد الاحمر، وهو أبرز قياديي التجمع اليمني للإصلاح، الحزب القريب من الإخوان المسلمين والذي يُعدّ العدو الاول للحوثيين.
ومن الشعارات التي رددت ايضاً «من صنعاء الى عمران... لا حوثية بعد الآن»، في إشارة إلى محافظة عمران التي سقطت في ايدي الحوثيين قبل اسابيع، و«جمهورية جمهورية... لا أسرية لا ملكية»، وهو شعار يُستحضر لاتهام الحوثيين بأنهم يريدون استعادة النظام الملكي، الذي اسقطته ثورة شعبية ضد حكم الإمامية.
ووزع المتظاهرون بياناً طالب بـ«خروج المليشيات المسلحة من العاصمة وعودة الأجهزة الأمنية إلى مهامها السابقة في حفظ الأمن». كما طالب البيان بـ«استرداد المنهوبات العامة والخاصة، والاعتذار لكل من تعرضت مصالحه وممتلكاته للمصادرة والعبث».
وطالب المتظاهرون زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي بـ«الاعتذار إلى الشعب اليمني وإصلاح الأضرار التي ترتبت عن الحرب وتنفيذ اتفاقية السلم والشراكة والملحق الأمني والعسكري التابع لها».
يذكر ان هذا الاتفاق قد تم توقيعه في الحادي والعشرين من ايلول الحالي، وذلك بهدف تشكيل حكومة جديدة تضم الحوثيين وبعض القوى الانفصالية الجنوبية اليمنية. ووفقاً لملحق الاتفاق، فقد كان من المتوقع أن ينسحب الحوثيون من صنعاء، في مقابل ضمهم إلى الحكومة الجديدة. وحتى الآن ما زالوا في أماكنهم.
يأتي ذلك، في وقت أعرب وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، في كلمة ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عن أمله في أن تكون هناك نهاية للأزمة اليمنية.
وقال الفيصل إن «عدم تنفيذ الملحق الأمني للاتفاق، وعدم إنفاذ الاتفاق نفسه على الوجه المطلوب من قبل جماعة الحوثي قد بدد تلك الآمال».
وتابع «تشهد الجمهورية اليمنية أوضاعاً متسارعة وبالغة الخطورة تستدعي منا جميعاً وقوفنا معها واقتراح الحلول اللازمة لمواجهة هذه التحديات غير المسبوقة»، محذراً من ان «دائرة العنف والصراع (في اليمن) ستمتد بلا شك لتهدد الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي وقد تصل إلى مرحلة تجعل من الصعوبة بمكان إخمادها مهما بُذل لذلك من جهود وموارد».