كتبت الصحافية الأميركية في صحيفة “نيويورك تايمز”، آن برنارد، مقالة هامة تتعلق بالمصالح المشتركة بين عدوين لدودين صمما على عدم التعاون بينهما، إنما ظروف الشرق الأوسط دفعتهما إلى التعاون، وهما الولايات المتحدة وحركة “حزب الله”، اللتان تعملان – كل بشكل منفصل – من أجل تحقيق هدف مشترك: وقف توسع تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” نحو لبنان، حيث يتفق الطرفان على مصلحة مشتركة وهي المحافظة على الاستقرار.

 

فبعد أسابيع على تقديم “حزب الله” المساعدة بهدف صد هجوم التنظيم الجهادي على بلدة عرسال الواقعة على الحدود السورية، تتدفق أسلحة أميركية جديدة إلى الجيش اللبناني، وهذا بالتنسيق مع “حزب الله”، بهدف تأمين الحدود. ساعدت، بالمقابل، معلومات استخباراتية شاركت بها الولايات المتحدة الجيش اللبناني”حزب الله” على إحباط عملية تفجير انتحارية كانت تستهدف معقل الحزب في ضاحية بيروت الجنوبية، بحسب خبراء لبنانيين.

 

قال محمد عفيف، المتحدث الجديد باسم “حزب الله” ومستشار قائد الحزب حسن نصر الله، في حديث نادر له: “المجتمع الدولي لديه مصلحة وهي عزل الأزمة السورية”. وجاء ذلك الحديث خلال لقاء غير رسمي جمع بينه وبين مراسلة صحيفة النيويورك تايمز، آن برنارد، ووصف كيف يرى الحزب تعقيدات التحالفات والمصالح في الحرب الأهلية العالقة في سوريا، حيث أن الكثير من تلك العلاقات من شأنه أن يتغيّر الآن بعد تفكير الرئيس الأمريكي أوباما بتوسيع العملية العسكرية ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”. وأضاف عفيف قائلاً: “الجميع يريدون الحفاظ على السلام” في لبنان، ولكنه قال أيضًا: “لكل واحد طريقته الخاصة”.

 

هناك إشارات على أن “حزب الله”، المصنف في الولايات المتحدة كتنظيم إرهابي، قد يرى بالحرب على “الدولة الإسلامية” فرصة لكي يحظى بالاعتراف به من خلال التأكيد على ادعائه أنه يحارب الإرهاب. صرح عفيف، الذي كان سابقًا مدير قناة “المنار” التابعة لـ “حزب الله” قائلاً: “علينا أن نفتح صفحة جديدة مع وسائل الإعلام العالمية”. يبدو أنه يتخذ خطوات في هذا المضمار، حيث أنه كان أول مسؤول من الحزب يتحدث مع مراسلة النيويورك تايمز لمدة طويلة، منذ سنوات.

 

يراقب مسؤولون رسميّون من “حزب الله” بحذر وعن كثب عمليات الولايات المتحدة الأميركية ضد “الدولة الإسلامية”. هم لديهم شكوك بخصوص نية واشنطن ولكنهم ينتظرون رؤية إن كان بإمكانهم أن يحققوا فائدة من كون الجيش الأميركي يوجه نيرانه ضد العدو الجديد الذي يثير قلقهم والذي يحاربونه منذ سنوات، هذا ما قاله بعض المحللين الذين تربطهم علاقات بالحزب.

 

وينفي “حزب الله” والولايات المتحدة- وهما الطرفان اللذان تتعارض مواقفهما بشكل عميق جدًا فيما يخص إسرائيل والعديد من القضايا الإقليمية الأُخرى- وجود أي تعاون بينهما. هذه الحال صحيحة تحديداً في سوريا، ورغم أن الطرفين يحاربان المتطرفين، لكن أهدافهما البعيدة تختلف بشكل كبير. فـ “حزب الله” هو حليف مخلص في ميدان القتال للرئيس السوري بشار الأسد، الذي شكل ولوقت طويل ممراً لعبور السلاح من إيران إلى الحزب. فيما تدعم الولايات المتحدة الثوار المعتدلين نسبيًا الذين يتوقون لإسقاط بشار الأسد، وتقول إنها لا تتعاون مع بشار الأسد أو مع حليفته إيران و “حزب الله”.



المصدر :نيويورك تايمز