مسير طويل من المشاورات والإتصالات واللقاءات، أفضى إلى تسجيل خرق سياسي بارز في جدار الازمة، إذ تم الإتفاق على عقد جلسة تشريعية بموافقة جميع الكتل النيابية، أطلق عليها إسم "تشريع الضرورة" وذلك في إشارة إلى الفراغ الدستوري الذي يعيشه لبنان بفعل الشغور في الموقع الرئاسي الأول. قاد الحراك بين قوى الرابع عشر من آذار والثامن من آذار عدّة شخصيات، أبرزها كان تفويض الأولى للنائب جورج عدوان بالتشاور مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي، ما أفضى إلى إنجاز الإتفاق.
 

عمل عدوان على خطّ بليس ـ عين التينة، لتذليل العقبات أمام هذه التسوية، وفي لقائه الأخير مع برّي جرى الإتفاق على الأمور العالقة، في لقاء مع "المدن" يتحدّث عدوان عن كيفية إنجاز التسوية، خصوصاً أن الإنتخابات الرئاسية مؤجّلة على الأقلّ لسبعة أشهر تقريباً، ويعتبر أنه لا بدّ من تسيير شؤون الناس والمؤسسات.
 

يبدأ عدوان حديثه من الوضع الأمني، يعتبر أنه مقلق جداّ لكنه لم يصل بعد إلى مرحلة الخطر: "ما شهدناه من ردات فعل عشائرية، بعد إعدام الجندي في الجيش اللبناني الشهيد محمد حميّة، خطير، وهو تحوير للأنظار عن الأسباب الرئيسية، هؤلاء الجنود هم أبناء الدولة ككل، ولكن هناك من يسعى إلى تحويلهم إلى أبناء عشائرهم وطوائفهم من أجل تطويق الدولة وتقويضها، ولا يمكن حلّ هذا الموضوع إلّا من خلال الدولة، وهذا ما يخدم أهداف المجموعات المسلّحة التي تتربّص بنا". يؤكد عدوان أن القرار الموحد لجميع القوى هو الوقوف وراء الجيش ودعمه في معركته ضد الإرهاب، ويشير إلى أن معارك تحرير العسكريين ستكون طويلة وشاقة، لذلك على الجميع دعم الجيش. وعن سبل إنهاء هذا الملفّ، يلفت عدوان إلى أن هناك قراراً إتخذ بالحسم العسكري، وهذا سيكون عامل ضغط على المسلحين من أجل تحسين شروط الدولة التفاوضية، أما عن المقايضة فهو معها و"لكن يجب أن تكون واضحة، خصوصاً أن هناك أشخاصاً لا يمكن إطلاق سراحهم بسبب الجرائم التي ارتكبوها، تركيا فاوضت وقايضت، كذلك إيران".
 

ينتقل إلى الأزمة السياسية، قائلاً: "حلّت الأزمة، وتم الإتفاق على عقد جلسة تشريعية لإقرار الأمور الضرورية، وأبرزها سلسلة الرتب والرواتب، إقرار قانون الموازنة، اليورو بوند، بالإضافة إلى تعديل القانون الإنتخابي بحال كان هناك توجّه لإجراء الإنتخابات في موعدها، بسبب المخالفات التي تشوب إحترام المهل وتشكيل هيئة الإشراف على الإنتخابات"، يضيف: "سيدعو الرئيس برّي بعد عودة رئيس الحكومة تمام سلام من نيويورك هيئة مكتب المجلس إلى إجتماع من أجل تحديد جدول أعمال الجلسة، على أن تعقد في الأسبوع الأول من شهر تشرين الأول، لإقرار كل القوانين المطروحة".
 

عن الإنتخابات الرئاسية، يجزم عدوان أن لا جديد طرأ على الإستحقاق: "طالما أن البعض يأخذ الرئاسة والدولة ككلّ رهينة لمصالحه الشخصية، فلن يحصل أي تقدم". يجيب عدوان على سؤال إذا ما كانت الإتصالات بشأن الإستحقاق الرئاسي متوقفة، ينفي ذلك، لكنه يعتبر أنها لا تفيد طالما النائب ميشال عون متمسك بترشيحه ومستمر بموقفه "انا أو لا أحد"، فهذا يعني أن كل الإتصالات لا نفع لها. إلى أين نذهب؟ ما هو مصير الإستحقاق؟ يتوقّع عدوان أنه مؤجل على الأقل حوالي الستة أو سبعة أشهر، إلى حين تبلور ما سيحصل في المنطقة. وعن الأسماء يشير إلى أن لا أسماء متداولة، الأمور مؤجّلة.
 

في ما يحكى عن التمديد للمجلس النيابي، فإن موقف القوات اللبنانية واضح جداً وقد أعلن مراراً وتكراراً كما يقول عدوان: "نحن مع إجراء الإستحقاقات في موعدها، ولكن هناك واقعية سياسية وأمنية تفرض المحظور، الجميع يرى ما يجري من إهتزازت أمنية في بعض المناطق فكيف يمكننا إجراء الإنتخابات فيها؟" وعن كيفية صوغ التحالفات الإنتخابية بحال حصلت الإنتخابات، يؤكد عدوان أن التحالف مستمر مع الزعيم وليد جنبلاط في الشوف خصوصاً، مضيفاً أن العلاقة معه ثابتة، وهو حريص على إبقاء ذلك وإن اختلف عن موقف القوات العام: "في الجبل هناك علاقة قاعدية وطيدة بين الإشتراكيين والقواتيين، وأنا أستقبل أسبوعياً في منزلي جميع الشرائح الشعبية الذين يأتون من كل مناطق الشوف".
 

ينقل عدوان عن جميع الأفرقاء إدراك الجميع لحساسية المرحلة، مشيراً إلى أن الوضع يحتّم التواصل بين الجميع، وهذا ما يجري بالتنسيق مع كل الأفرقاء، معتبراً أن الوضع سيبقى على ما هو عليه الى حين حصول حلول للمشاكل الإقليمية.