لبنان كله بوجهيه الرسمي والشعبي مسؤول بل كله مشارك,في جريمة قتل العسكريين المخطوفين , وهذا الكلام اقوله بدم بارد وبكامل قواي العقلية ولست مصابا بأية صرعة جنونية او نوبة عاطفية .

  فنحن بشكل او بآخر مشاركين بقتل وذبح هؤلاء العسكريين المخطوفين وذلك بسكوتنا على هذه الجرائم وعدم استنكارنا عليها بالمستوى المطلوب على هذا الحدث الجلل .

   ان من اقدم على اطلاق رصاصة قاتلة على رأس الجندي المظلوم محمد حمية وارداه قتيلا ملطخا بدم الشهادة وقبله من اقدم على ذبح الشهيدين عباس مدلج وعلي السيد بسكين ملطخة بسموم الاجرام والضلال والانحراف ومغمسة بدم الحقد الدفين المتوارث , ومن معهم من شذاذ الافاق وحثالة المجتمعات التي لفظتهم من بيئاتها والقت بهم على مزابل الكراهية والرذيلة , ليسوا هم فقط المسؤولين عن جرائم القتل والذبح والدمار والخراب التي يرتكبونها باسم الاسلام ,بل نحن مسؤولين ايضا ان لم نقل مشاركين او مساهمين , ونتحمل جزء كبير من مسؤولية استشهاد هؤلاء المظلومين الذين ساقتهم ظروفهم المعيشية للانتساب الى شرف الخدمة في المؤسسات العسكرية من جيش وامن داخلي وشاءت الاقدار ان تكون خدمتهم بمواجهة هذه الجماعات الارهابية والتكفيرية التي لا يمتلك عناصرها عهدا ولا ذمة حيث اقدمت على اختطافهم دون مراعاة لحقوق الاسر ةالاعتقال .

    فالشعب اللبناني وبغض النظر عمن يمكن ان يكون قد ساهم بانشاء هذه الجماعات او مولها او هيأ لها بيئات حاضنة من بلدان اقليمية او دولية او قد سهل لها ظروف انتشارها وبمعزل عن الدول التي يمكن ان تكون قد تقاطعت مصالحها مع هذه الجماعات الاجرامية واستخدمتها كأدوات لتنفيذ مشاريع خاصة بها , فبصرف النظر عن كل ذلك , فنحن في لبنان وعلى اختلاف انتماءاتنا الطائفية والمذهبية والسياسية والحزبية وعلى المستويين الرسمي والشعبي نتحمل جزء كبير من مسؤولية انتشار هؤلاء الارهابيين والتكفيريين على بعض الاراضي اللبنانية التي يعيش عليها مجتمعات من لون مذهبي معين وبالتالي اقدامهم على استباحة المؤسسة العسكرية  / الجيش / في اكثر من مناسبة واكثر من مكان لأننا ارتضينا لانفسنا ان نتعايش في ظل دولة ضعيفة واستقالت من جميع وظائفها  ولا تستطيع ان تقوم بمهماتها ولا حتى تستطيع ان تدافع عن نفسها  ,حتى بتنا نتغنى بمقولة حفظناها جميعا عن ظهر غيب وهي (( ما في دولة )) .

    فالشعار الوحيد الذي يجتمع عليه الشارع اللبناني بجناحيه الرسمي والشعبي وبفريقيه  8 و14 آذار ويتجاوز به مذهبياته وولاءاته هو تعليق ابنائه على كل ازمة طارئة كانت ام مزمنة / ما في دولة /.

   حتى ان ترداد اللبنانيين لمقولة ما في دولة اصبحت تهمة تريح الدولة اكثر مما تقلقها كما يوحيه تعاملها المرتبك مع مشكلة احتجاز جماعات ارهابية / تنظيم داعش وجبهة النصرة /لعدد من العسكريين اللبنانيين في جرود عرسال .

    طبعا هناك اطراف لبنانية ساهمت باضعاف الدولة واضعاف مؤسساتها حتى تلاشى دورها ووصل الامر الى حد استقالتها من كل مهماتها ولعبت دور النأي بالنفس عن حل كل المشاكل المزمنة والمتراكمة والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بمصلحة المواطن والوطن , وهذه الاطراف ساعدت على استمرار الشغور الرئاسي من خلال وضع العراقيل امام تحقيق هذا الاستحقاق الوطني بامتياز وحولت المجلس النيابي الى مجلس غير شرعي عندما اقدم على التمديد لنفسه مما يؤدي الى وقوف لبنان عاجزا عن اتخاذ قرار وطني مجدي لمواجهة داعش وغيرها سواء عسكريا او بالتفاوض ولكن من موقع الند للند وليس من موقع الضعف .

    كل هذا والشعب اللبناني يمارس دور المتفرج عما يدور حوله وكأن الامر لا يعنيه لا من قريب ولا من بعيد دون ان يمارس حقه الديمقراطي بالاعترض او الاستنكار حتى يصح القول ان اللبناني سريع التأقلم مع الواقع المتجدد مهما كان مأساويا او خطيرا او حتى اذا ادى الامر الى ضياع البلد مما قد يؤدي الى تحويل اللبنانيين الى رهائن عند داعش وعند النصرة وغيرهما من الجماعات الارهابية .

                                    طانيوس علي وهبي