تسارعت الاحداث بشكل مفاجيء في اليمن وتغيرت موازين القوى بسرعة بعدما نجح الحوثيون سلميا في اجتياح البلاد والسيطرة على مؤسسات الدولة ويأتي ذلك بعد تحركات منظمة للحوثيين شهدتها البلاد على مدى شهور عدة توجت يوم امس بالاستسلام الكلي لمعظم مفاصل الدولة .
أدت هذه الاحداث الى محاصرة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والتزم مقر فيما تحدثت الانباء عن فرار الرجل الثاني في النظام علي محسن الأحمر، المستشار العسكري للرئاسة حالياً، إلى قطر، ما شكل ضربة حوثية جديدة لقبيلة آل الأحمر، اللاعب القوي في تاريخ اليمن الحديث، وللرجل نفسه الذي سبق له أن خاض حروب النظام على الحوثيين في صعدة، وعرف بعلاقاته الوثيقة مع التيار الإسلامي المتشدد في اليمن، واتهم بـ«خيانة» رفيقه وحليفه، الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح قبل عامين .
واستفاد الحوثيون في تحركهم الذي أدى إلى هذا الانجاز السياسي و العسكري من خطيئة رفع اسعار الوقود التي اقترفها الرئيس اليمني فشكلت مناسبة لاعطاء التحرك طابعا شعبيا معيشيا واستجابة شعبية واسعة فانقلب الشعب بشكل مفاجيء وسريع على مؤسسات السلطة كلها وانهارت جميعها بوقت قصير ,مقر رئاسة الحكومة، مقر وزارة الدفاع، مبنى التلفزيون، ثكنات الجيش ومطار العاصمة.
لكن المفاجأة التي لا تقل إثارة لم تكن في التداعي السريع للعاصمة أمام المد الحوثي، المدعوم بتأييد شعبي قوي، وإنما في تعفف الحوثيين عن الاستيلاء على السلطة نفسها، في اللحظة ذاتها التي كانت أبواب قصر الحكم مفتوحة أمام قوتهم، الشعبية والعسكرية، بقبولهم السريع بالتوقيع على اتفاق التسوية والشراكة الوطنية الذي أبرمه المبعوث الأممي جمال بن عمر، مبددين بذلك الكثير من الاتهامات «المذهبية» و«القبلية» و«الإقليمية» التي سيقت ضدهم ـ وما زالت - خلال الأسابيع الماضية، بالسعي للاستيلاء على السلطة بالانقلاب بقوة السلاح. وهم، ككل القوى اليمنية والقبلية الأخرى، يمتلكون منه الكثير في اليمن .

وبالرغم مع المكتسبات الميدانية التي حقق
ها الحوثيون على الأرض، والتي انتهت أمس بسيطرتهم على صنعاء ومؤسساتها، وقع الحوثيون مع المكونات السياسية اليمنية الأخرى، بما فيها «حزب التجمع اليمني للإصلاح» و«المؤتمر الشعبي العام» و«الحراك الجنوبي»، «اتفاق السلم والشراكة الوطنية»، برعاية الأمم المتحدة، الذي ينص خصوصاً على تشكيل حكومة جديدة، ووقف إطلاق النار، ورفع مخيمات الاعتصام من صنعاء ومحيطها، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء اليمنية.
وفي ما يُبرز المطلب الأساسي للجماعة الذي يتحدث عن «الشراكة» و«تجفيف منابع الفساد»، ينص الاتفاق الرسمي، الذي تلاه بن عمر، على أن يجري الرئيس مشاورات تفضي إلى تشكيل «حكومة كفاءات» في غضون شهر، فيما تستمر الحكومة الحالية، التي استقال رئيسها محمد سالم باسندوة أمس، بتصريف الأعمال.
وبحسب الاتفاق أيضاً، يعين هادي رئيساً للوزراء في غضون ثلاثة أيام، كما يتم تعيين مستشارين سياسيين للرئيس من الحوثيين والحراك الجنوبي. كما يفترض أن يكون رئيس الوزراء الجديد «شخصية محايدة لا حزبية».
وفي ما خص مطلباً أساسياً للحوثيين، ألا وهو تخفيض أسعار المحروقات، نص الاتفاق على أن يتم خفض أسعار الوقود، ليصبح 3000 ريال لصفيحة العشرين ليتراً، ليكون بذلك قد تم خفض نحو نصف الزيادة السعرية التي طبقت على أسعار الوقود اعتباراً من نهاية شهر تموز الماضي.
وفي الجانب الأمني، ينص الاتفاق على أن تتسلم الدولة المنشآت الحيوية، وأن تُزال مخيمات الاحتجاج من صنعاء ومحيطها، على أن يتم «وقف جميع أعمال العنف فوراً» في صنعاء.
وبالتزامن مع توقيع الاتفاق، ذكرت وكالة الأنباء اليمنية أن «الشرطة العسكرية بدأت بإجراءات استلام كل المباني الحكومية، التي وصل إليها وسيطر عليها أنصار الله خلال الأحداث التي شهدتها أمانة العاصمة، وذلك بناءً على طلب أنصار الله».
وكان الرئيس اليمني ألقى كلمة قبل توقيع الاتفاق اعتبر فيها أن «الوثيقة تمثل عبوراً نحو تطبيق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وتجاوز كل العقبات والتحديات، الأمر الذي يستوجب ضرورة تطبيقها بصورة دقيقة من قبل الجميع، مع الحرص على البدء فوراً في وقف إطلاق النار سواء في العاصمة صنعاء أو بقية المحافظات والمناطق .