لا تزال طاريا في قضاء بعلبك مسقط الشهيد محمد حمية تعيش وقع اثقال الصاعقة التي اصابت اهلها بفقدان ابنها الجندي الذي رحل بأصابع لا تتقن الا فن الاجرام والقتل وسفك الدماء تحت عنوان "الثورة". لا يفارق وجه محمد الباسم والمشرق مخيلات ابناء طاريا الذين يذرفون الدموع عليه وهم يسألون: لماذا هذا المصير والى متى سيستمر كابوس عائلات ما تبقى من الجنود المخطوفين من الجيش وقوى الامن الداخلي عند تنظيم "داعش" و "جبهة النصرة"؟
رفاق حمية رفعوا له الصور بألبسة عسكرية ومدنية ، وحال وجهه ينطق بالجملة الاتية" شكراً لكم وقمت بواجبي". وثمة لافتات تعزي عائلة الشهيد وكتب على واحدة منها "لن ننساك ... وسنثأر".

تفقدت"النهار" البلدة صباح هذا اليوم وزارت اسرة الشهيد التي تتقبل التعازي من الجوار ومناطق عدة . والجميع يفتش عن والده الصابر ومعرفة سر معدن هذا الرجل المزارع الطيب والذي يعض على جرحه واوجاعه جراء خسارته نجله. ومن لا يعلم باستشهاد حميه ويمر في جوار المنزل يظن انه رحل وتوفي في ظروف طبيعية.

علامات الاسى تقبض على قلب الاب المتعب الذي لم يعد يقوى على هذا الحمل، لكن ايمانه لن يخونه في هذا الامتحان وامام هذا النوع من التحدي والقدرة على الصمود. ويوضح لـ"النهار" ومنعا لاي تأويل لكلامه انه لا يحمل مسؤولية استشهاد ولده "لال الحجيري في عرسال ، بل الى الشيخ مصطفى الحجيري المعروف باسم ابو "طقية" ورئيس بلديتها علي الحجيري" وانا اشكر عددا من ابناء هذه العائلة لوقوفهم الى جانبنا. واطالب بعدم القيام بأي عملية خطف لاي كان من اللبنانيين او من السوريين ونجلي شهيد كل لبنان".

 

اما والدة محمد ، فيبدو انها لم تقو حتى الان على تحمل هذه الصدمة وتأخذ زاوية في منزلها ولا تقدر على الحديث وتقف مذهولة امام مشهد اعدام نجلها وهي تحضن ألبسته ، علها تشم من خلالها رائحته الذكية التي تبقى وتدوم اكثر من رائحة رصاصات " النصرة" التي استهدفت قلب محمد.
يبدو ان اسم محمد ، لن يرحمه او يشفع له امام خاطفيه، لانهم لا يعرفون من الرسول واخلاقه ورسالته سوى الاسم!