الاعتداء الذي قامت به الجماعات الارهابية وهو ما يطلق عليه بدولة العراق والشام /داعش/وجبهة النصرة على سيادة الدولة اللبنانية وتحديدا في بلدة عرسال وما يوازيها من منطقة جردية في سفوح سلسلة لبنان الشرقية واستهداف القوى العسكرية من جيش وامن داخلي وما نجم عنه من تداعيات ادت الى مقتل عدد من العسكريين وخطف البعض منهم ممن يجري التفاوض لاسترجاعهم سالمين اضافة الى التدمير الذي منيت به البلدة جراء القصف العنيف عليها , هذا الاعتداء لم يكن كله سلبيات بل لابد ان نسجل ايجابية واحدة على الاقل وهي ان اللبنانيين في لحظة معينة خلال سير تلك المعارك وما شابها من عنف واجرام شعروا بان هذا العدو الارهابي الوافد من خلف الحدود الشرقية يحمل افكارا جاهلية وحشية لا يمكن ان تتلائم مع الفكر البشري والسلوك الانساني وانه يستهدف البلد واهله على كافة انتماءاتهم الطائفية والمذهبية والسياسية والحزبية ولا يميز بين مسلم ومسيحي ولا بين سني وشيعي ,فهو يستهدف الانسان والانسانية وكل معالم الحضارة ويعود بالانسان الى العصور الحجرية الاولى عندما كان يعيش في الغابات وفي المغاور والكهوف ولا يعنيه كثيرا لا8 ولا14 آذار ..هذا الشعور كان مبعث قلق للقوى السياسية الفاعلة على الساحة اللبنانية من خطر هذه الجماعات الارهابية المتطرفة,وهذا القلق نتج عنه حركة فاعلة على مستوى القيادات الساسية وتقارب كبير في الخطاب السياسي للافرقاء اللبنانيين وتوحيد الرؤية من هذا الخطر الاصولي الداهم الذي يهدد وجه المنطقة باسرها بالتغيير ومعها وجه العروبة الحضاري وكذلك وهو الاهم وجه الاسلام الحقيقي القائم على مبدأ التسامح والالفة والمحبة والسلام ....واذا كان هناك اجماعا لبنانيا على توصيف خطر داعش واخواتها وما تبثه من افكار تكفيرية وارهابية ,لكن اللبنانيين يفتقدون الى المشروع الجامع الذي يوحد الرؤية اللبنانية لمواجهة هذا الخطر ...واذا كان امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله وفي خطابه الاخير نقاط عديدة التقى فيها مع الاخرين من ذوي الاتجاهات المختلفة في الحديث عن الخطر الوجودي الذي يواجهه لبنان والمنطقة من هذه الجماعات الارهابية ,الا انه لم يطرح مشروعا يتوحد اللبنانيون حوله للتصدي لهذه الجماعات والقضاء عليها .   وهنا يحق لنا كمواطنين ان نسأل ونتساءل ...هل يكفي ان يتحد اللبنانيون على توصيف خطر الارهاب دون ان يلتفوا حول مشروع وطني لمواجهته؟؟؟؟ ولماذا كل الملفات الاخرى هي عرضة للانقسام والشرذمة وحتى النزاع والتي تؤدي الى انتاج ازمات جديدة ؟؟ وبالتالي لماذا لا يذهب اللبنانيون الى سدالمنافذ التي يأتينا منها الرياح الحارة والخطيرة وذلك بالبدء بانجاز استحقاق رئاسة الجمهورية ,فمركز الرئاسة يساهم بحماية لبنان باكبر قدر من التحصين السياسي والامني والمعنوي ,كما انه يقفل باب الذرائع للتمديد للمجلس النيابي ,واذا كان السيد حسن نصرالله ,وبغض النظر عن الرأي القائل بتورط حزب الله بالقتال في سوريا واستدراج الارهاب التكفيري الى لبنان ,اذا كان حريصا  على ملاقاة الآخرين في مواجهة داعش والنصرة ,فلماذا لا يبادر الى اتخاذ الموقف المرن المطلوب لفتح باب التوافق على رئيس جديد بدل سد الطريق على اي كلام او مسعى لانهاء ازمة الفراغ الرئاسي؟؟؟؟

                                                 طانيوس علي وهبي