ما كدنا نستفيق من عودة سعد الحريري المفاجئة الى لبنان بعد غياب قسري دام ثلاث سنوات، حتى جاءت من ناحية العراق اخبار تسمية حيدر العبادي لرئاسة الحكومة والتخلي عن رجل ايران الأول نوري المالكي، هذا وما رافق الخبرين من ترحيب للأول ودعم للثاني وذلك من نفس المحور الذي كان قد " انتصر " على سعد الحريري وحجز له تذكرة الذهاب بلا عودة، وللمالكي الذي طالما اصرّ هذا المحور على احقيته في تشكيل الحكومة، وما حظيه من دعم سياسي واعلامي حتى ان صوره الشخصية لا تزال مرفوعة في بعض شوارع الضاحية  الجنوبية ،

 هذه المتغيرات التي توحي بما لا مجال للشك بحدوث تسوية سياسية ما، وان كانت غير واضحة كامل المعالم حتى اللحظة، الا ان من الثابت بان المستجدات الخطيرة التي طرأت على المنطقة ومن ابرزها صعود الخطر التكفيري المتمثل بقيام ما يسمى بدولة العراق والشام داعش وما حكي عن تفلتها من كل العقالات التي كانت تمسك برقابها مما جعل منها خطر حقيقي على كل اللاعبين وباختلاف مشاربهم بعد ان استفاد كل على حدى من استثمارها في مقابل الاخر،

صحيح ان داعش تشكل بتمددها الجيوسياسي خطر على الجميع الا ان المتضرر الأكبر والخاسر الأول في المرحلة الانية هي ايران بصفتها كانت الوحيدة الممسكة بمفاصل المنطقة بدءا من العراق الى سوريا وصولا الى لبنان مما يجعلها في خط المواجهة الأول مع التكفيريين وما لهذا الامر من مخاطر وتبعات ليس اقلها تسعير النيران المذهبية بين السنة والشيعة هذه النيران التي لن تبقي ولن تذر مما اجبر ايران للقيام بخطوة تراجعية من اجل إعادة تموضعها وانتقالها من موقع الهجوم الى موقع الدفاع فقط لاجل الحدّ من الخسائر المتراكمة منذ ثلاث سنوات والتي استنزفت الاقتصاد الإيراني

هذه الوضعية الجديدة لمحور الممانعة برئاسة ايران تفرض عليها تقديم تنازلات كبيرة بحجم الاخطار المتوقعة والمطلوب دفعها، فاذا كان رأس المالكي هي الدفعة الأولى من اجل السماح لحل معضلة العراق فهذا يعني بالضرورة ان لكل ساحة هناك ثمن يجب دفعه بما يتناسب مع حجم الحل المرجو.

فاذا اعتبرنا بان الازمة العراقية قد وضعت على سكة الحل الصحيح ولم تجد ايران لذلك من عضاضة بالتضحية بنوري المالكي، يبقى ان هنالك ازمتان لا يمكن فصلهما عن المعضلة العراقية  وبالتالي فلا يمكن الوصول الى نهايات سعيدة في العراق بدون السعي الجدي الى انهائهما وبشكل متوازي وهما الازمة السورية والازمة اللبنانية،

واذا كان بشار الأسد هو " المالكي " السوري، فان السؤال البديهي هو هل يكون امين عام حزب الله هو " المالكي " اللبناني ؟ وعليه فاذا ما كانت التسوية الإيرانية الامركية هي تسوية على مستوى كامل المنطقة فيكون السؤال الاخر الذي ستجيب عليه قادم الأيام من هو " المالكي " 2 ؟؟؟؟