قصيدة "رسالة من المنفى".....شعر محمود كعوش

صرخة ألم من غريب في بلد عجيب !!!

إلى روحيهما الطاهرتين...أمي وأبي رحمهما الله

 

رسالة من المنفى

**************

لا لا

أنا لَسْتُ هناكَ

لا...لَسْتُ هناكْ

لَمْ أعُدْ هناكْ

كُنْتُ هُناكْ

لَكِنَني الآنَ هُنا

هنا...في عالمٍ مقيتٍ

كئيبٍ حزينْ

لا رِقَةَ فيهِ ولا رأفَةَ

ولا حنينْ

**

في عالمٍ غارقٍ في الهمومِ

والوجومِ والسأمْ

يخنقه الضجرُ

مِلْؤهُ الْمَلَلْ

لا هَدَفٌ فيهِ ولا أملْ

ولا مبتدأٌ أو خَبَرْ

يضجُّ بالصراخِ

والعويلِ

والألمْ

يَزْخَرُ بالأنينْ

*****

**

*****

إنيَ الآنَ هنا

في عالمِ السرابْ

والغُرْبَةِ والغُرابْ

ألتهمُ الترابَ

وألثمُ الحَجَرْ

 أطيلُ السَهَرْ

والعَزْفَ على الوترْ

وأمْدَحُ الْقَمَرْ

وأغفو على وَخْز الأبَرْ

**

والليلُ في غُرْبَتي طويلٌ

ثقيلٌ

يأكلُ النهارْ

يَمْلأهُ ظُلْمَةً وظَلامْ

يُفْقِدَهُ الوقارْ

يَلْعَنَهُ...وَيَلْعَنَهُ

يَلْعَنُ حتى ذَرَةَ التُرابِ

ويلعنُ الحجرْ

والشجرً والبشرْ

*****

**

*****

كنتُ قبلَ الآنَ هناكْ

كنتُ هناكَ

في رُبًى بلدتي

معْ أهلِ قريتي

وفوقَ ثَرى ضيعتي

حيثُ مَجْدي ومُنْيَتي

ومَجْدُ أمجادِ عِزتي

**

كنتُ هناكَ

في ميرونتي

حيثُ دانتي...ودُرتي

وبني جِلْدَتي

وحيثُ هويتي

ومَرْقَدُ عَنْزَتي

وَوُجْهَةُ قِبْلَتي

*****

**

*****

كنتُ قبلَ الآنَ هناكْ

أُعللُ النفسَ بالآمالِ

وألتمسُ الشفاءْ

وأنشدُ الهناءْ

وأعِفُ عَنْ ذرفِ الدموعِ

ونزفِ الآلمْ

وزرعِ النحيبِ

والصراخِ والعويلْ

**

كنتُ قَبْلَ الآنَ هناكْ

أُعللُ النفسَ بالرجاءْ

وأنشدُ العَلاءْ

ودربيَ الطويلِ

يُعانقُ الصدى ...يُعانِقُ الأصيلْ

بشوقِ العليلْ

لا صَوْتَ غَيْرَ شَدْوِ الحبيبِ

البعيدِ...القريبِ الجميلْ

*****

**

*****

وها أنا الآنَ هنا

لَمْ أعُدْ هناكْ

إني هنا

اَحْتَضِنُ الوسادةْ

وَألزمُ السريرَ بلا سَعَادةْ

في عالمٍ غيرَ عالمي

في بيتيَ الكبيرِ...الكبيرْ

يا ليتهُ صغيرٌ صغيرْ

**

لا خَيار ولا اختيارْ

لا بُدَّ أنْ أحْتَضِنَ الوسادةَ

وَألزمَ السريرْ

وألتَهِمَ الترابَ

وأَلْثُمَ الحجرْ

وفي كِياني يَعْصِفُ الضَّمِيرُ

في خِضَمِ الضَجَةِ والضجيجْ

حيتُ يهمسُ ويهمسُ

ثمَ يَعلو صادحاً صَوْتُ المصيرِ

*****

**

*****

ها أنا الآنَ هنا يا عالم الكروشْ

يا عالمَ الطغاةِ في دنيا الفحوشْ

ويا صخب النقر على الدفوفِ

في وادي الوحوشْ

**

إنيَ الآنَ هنا....حيث أنا هنا

لكني لا لا وألفُ مِلْيونَ لا

ولا

لَنْ أَلْتَهمَ الترابَ بَعْدَ اليومِ

لا...ولَنْ أَلْثُمَ الحجرْ

**

في عالمٍ خبيثٍ مُريبٍ

غريبٍ عجيبْ

يَسْتَخِفُ بالعاقلِ

وَيَقْتَصُ مِنَ الأديبِ والنجيبِ

وَيَخْذُلُ الحبيبْ

*****

**

*****

تحيات......محمود كعوش

الدانمارك