أحيا الشيعة الايرانيون يوم القدس العالمي تلبية لنداء مفجر الثورة ومؤسس الدولة السيد الخميني الذي جعل من يوم الجمعة الأخيرة من شهر رمضان مسجداً للمسلمين ومساحة للأحرار في العالم لجعل القدس قدساً للتحرير من المحتل لا مجالاً لارتزاق "المقاومين " وسبباً كافياً لاستمرار الاستبداد في عالمنا العربي ..ذكّر الامام بالقدس بعد أن شارفت على النسيان وأكّد على أولويتها بعد أن تبدّلت الأولويات حتى بالنسبة للمعنيين المباشرين من أهل الثورة الفلسطينية ومشى الجميع من المنتصرين للثورة الاسلامية الايرانية مع دعوات الخميني الفلسطينية وعلى اختلاف مشاربهم ومللهم ونحلهم والوانهم وأحيوا القدس واستحضروها وباتت قريبة منهم الى حدّ الاقتراب من الفعل التاريخي لنهضة الأمّة بمكوناتها كافة لاسترداد الحق وابطال الباطل . عندما مات الامام ماتت معه دعواته الثورية بمضامينها وأبعادها الوحدوية وتقلص حجم الالتفاف حول القضية المركزية وباتت القدس واجهة لجهة تطلّ من خلالها لاستعراض القوّة المنظمة داخل منظومة أهداف تستهدف أعداء جُدد لاتساع فجوات المصالح داخل دول المنطقة التي تفرّقت مرّة أخرى على ضوء الثورات العربية وما أنتجته رياحها الاصلاحية من نتائج أضرت بوقائع التوازنات لدول اقليمية متصارعة على الخراب . هذا الخلاف الاقليمي صدّع المجتمع العربي-الاسلامي وباتت مضاعفات الحروب المشتعلة في رُقاع عربية المذهبية والطائفية تلبي  طموحات عنصر التجزئة وتفتت مما تبقى من علاقات ومهما كانت هشّة لصالح بروز جهات متطرفة تعبر وبصرامة عن بعد مذهبي مسموم بسُم تاريخي أحياناً وبسُم مستحدث أكثر قتلاً وفتكاً نتيجة نتائج سياسية مارستها دول التمذّهب لانعاش شعورها المذهبي واتمام صفقاتها السياسية خدمة لأهداف لا تطال مصالح الشعوب . لقد برز الخلاف السُني – الشيعي على سطح سعودي- ايراني هدّد الواقع الاسلامي واستشاطه غضباً لصالح نزعات تكفيرية وأفكار مذهبية لاغية بواسطة الذبح للآخر وباتت العصبية المذهبية متحكمة بغريزة القتل المستشري في مناطق النزاع بين الطرفين . لذا بات يوم القدس أحياء مذهبي مدعوم من جماعات سُنية متصلة بمصالح ايرانية وخرج الكثيرون من أحيائه الثوري وبات علامة خاصة لنفوذ دولة تبحث عن مصالح قومية كما يرى المختصمون مع ايران وبالتالي حُكم يوم القدس كدعاية لدولة اقليمية فارسية تستغل فلسطين لطعن العرب الذين أسقطوا امبراطوريتها العظيمة بسيف بدوي قبلي وبرجال لا يميّزون بين الناقة والبعير .. من هنا ومهما دفع الايرانيّون بامكانيّاتهم لحشد المسلمين في يوم القدس العالمي سيبقى بالنسبة للسُنة يوماً للشيعة وبالنسبة للأنظمة العربية والاسلامية يومياً ايرانياً وبالنسبة للبقية الباقية من أهل الحلم الفلسطيني يوماً منازع عليه بين مذهبين تتملكهما أحقاد أكبر بكثير من الأحقاد المتوفرة  لديهم ضدّ اليهود المغتصبين لفلسطين .. للأسف أن دولاً تستبيح شعوبها بشعارات مذهبية قاتلة ومدمّرة سوف تبقي القدس مأسورة وفلسطين هوية لحلم لن تجد من يحملها من العرب والفلسطينيين .